من الهالك الحوثي إلى شقيقه المدّعي إلى "سفاسف الجنيد".. رسائل ماجستير تفقد جامعة صنعاء مكانتها (تقرير)
لعقودٍ طويلةٍ، ظلت جامعة صنعاء واحدة من أهم المراكز العلمية التقدمية في البلاد، لطالما كان الالتحاق بها يُعد حُلمًا بحد ذاته لدى خريجي الثانوية العامة، ولم يقتصر دور الجامعة على الطلاب اليمنيين؛ بل اجتذبت أيضًا طلابًا عربًا من دول عدة، تلقوا تعليمهم في الجامعة التي كانت منارةً للعِلم تُنافس في جودة تعليمها جامعات عربية مرموقة.
خرّجت الجامعة، التي أُنشئت عام 1970م، عشرات الآلاف من الطُلاب تلقوا تعليمهم في العديد من التخصصات والكليات، وإلى العام 2015، حافظت الجامعة على مكانتها كمنارة للعلم وتفويج الأجيال المتعلّمة، إلا أنه وفي أعقاب سيطرة المليشيا الحوثية على العاصمة، استعاض الحوثيون بالمشروع المذهبي الطائفي بديلًا للتعليم الجامعي المُقنن وفق المناهج العلمية والقوانين النافذة؛ لتفقد الجامعة الجزء الكبير من مكانتها الوازنة مع تحولها إلى بؤرة لتسويق الادعاءات المذهبية.
يقول دكتور يعمل في كلية الإعلام بجامعة صنعاء لوكالة "2 ديسمبر"، إن الجامعة تلقت ضربات متلاحقة مست مكانتها الأكاديمية وحطت من ريادتها العلمية، كانت أكثرها وطأة تنصيب المليشيا الحوثية أحد مشرفيها مُشرفًا على رسائل الماجستير والدكتوراه في الجامعة، في أواخر يناير من العام 2021.
وفي أعقاب القرار الحوثي بهذا التعيين، توالت ردود الفعل بين أكاديميي جامعة صنعاء من خطورة هذا القرار الماس بقدسية التعليم ومكانته الخاصة، الذي اعتبره، حينها، الدكتور هشام ناجي، مقدمة ستؤدي لإلغاء "الاعتراف بجامعة صنعاء وبكوادرها وشهاداتها".
قبل أيام، أثارت رسالة ماجستير موسومة بـ"التناص في شعر معاذ الجنيد"، نوقشت في جامعة صنعاء، موجة سخرية في الأوساط الأكاديمية والنشطاء على حدٍ سواء. وردًّا على ما إذا كانت هذه الرسائل تقوم على أساس منهجي وعلمي من عدمه، أفاد وكالة "2 ديسمبر" مصدر في نيابة الدراسات العليا والبحث العلمي في الجامعة، بأنها رسالة "تبعث على السخرية"، مستطردًا: "تحول التعليم في الجامعة إلى سوق للغوغائيين والمدّعين، ولم يعُد ثمة أي أساس منهجي لهذه الرسائل التي تتدفق بغزارة للحصول على شهادات ليس إلا".
وأضاف المصدر، مشترطًا عدم ذكر اسمه وصفته، أن رسائل الماجستير كانت في السابق تمر عبر لجنة علمية هي المسؤولة عن الإجازة والرفض، بينما الآن يقوم المشرف الحوثي فائز البطاح، والذي يستخدم مزاجه الذاتي في تحوير وتوجيه رسائل الماجستير بما ينطبق على هواه بتسيير هذه المهمة، مشيرًا إلى أن أغلب الرسائل الآن "تناقش مواضيع حسين وعبدالملك الحوثي والإعلام الحربي ومسائل في قمة السخرية لا علاقة لها مطلقًا بمتطلبات ومحددات البحوث الأكاديمية".
وتراجعت مكانة جامعة صنعاء طوال سنوات الحرب، حتى حلت عام 2022، في التصنيف السادس والأخير في قائمة "سكوبس" للتصنيف العالمي في مجال البحوث العلمية، وهو مؤشر ذو موثوقية عالية يعتمد في التقييم على الأداء البحثي ومخرجات الابتكار، والتأثير المجتمعي، في أساسيات تصنيفه الجامعات في كافة أنحاء العالم.
وذكر المصدر العامل في نيابة الدراسات العليا، أن الجامعة شهدت "هجرة جماعية" لأبرز كوادرها الأكاديمية خلال الثماني سنوات الماضية؛ "غادرت نخبة من الزملاء إلى مصر وأوروبا والخليج هربًا من تعسفات الحوثيين، وحل الحوثيون عوضًا عنهم أتباعًا لهم ساهموا عمدًا في إسقاط منظومة العمل الأكاديمي وتحويل الجامعة إلى مستنقع بلا قاع وسوق لفرض الجبايات بعد أن جردوا العمل الأكاديمي من مكانته ومسؤولياته".