بعدما حولت المليشيا حياتهم إلى فقر وحرمان.. الملابس المستعملة دفء الشتاء لمواطني صنعاء (تقرير)
في أحد شوارع العاصمة المختطفة صنعاء يلفت الأنظار احتشاد المواطنين حول إحدى بسطات بيع الملابس المستعملة، يقلبون بعضها ليختاروا ما يناسبهم منها مقاسًا لتقيهم البرد القارس بعدما أصبحت الملابس الشتوية الجديد أبعد عن متناولهم، في أبلغ صورة عن كارثية السياسات الإفقارية لمليشيا الحوثي التي أنهكت المواطنين في مناطق سيطرتها.
فمع موجة الصقيع الشديدة التي تشهدها صنعاء، كان إقبال الأسر متزايداً على شراء الملابس المستعملة، مقارنة بالأعوام السابقة، إذ ارتفعت معدلات الفقر والبطالة بشكل كبير، نظراً لاستمرار مليشيا الحوثي بنهب رواتب الموظفين، وتراجع فرص العمل، وندرة الأعمال، الأمر الذي أسهم في تردي الأوضاع المعيشية بشكل مخيف، وتراجع القدرة الشرائية للأهالي.
دفء الفقراء
يقول رأفت، مكتفياً باسمه الأول، لـ"2 ديسمبر"، مع دخول فصل الشتاء، بدأ المواطنون يحتشدون حول بسطات بيع الملابس المستعملة، نظراً لعجزهم عن شراء ملابس جديدة.
يضيف: "لم يلجأ الناس لشراء الملابس المستعملة بهذا الشكل المخيف، إلا بعدما سيطرت مليشيا الحوثي على العاصمة صنعاء وقطعت رواتب الموظفين وضيقت على حياة المواطنين، إذ كان بوقت سابق، يقتصر شراء الملابس المستعملة على الفقراء، أما هذا العام، أصبحت خيار معظم الناس". يؤكد: أصبح الكل فقراء باستثاء أسر سلالية معينة والمشرفين والتجار".
أحد الموظفين ممن سرقت مليشيا الحوثي مرتباتهم يشكو لوكالة "2 ديسمبر"، حالة الفقر التي تعيشها أسرته، مما دفعه لشراء الملابس الشتوية من بسطة الملابس المستعملة.
ويؤكد أن مليشيا الحوثي لم تترك للمواطنين حياتهم بل لاحقتهم في مصادر عيشهم وضيقت عليهم في كل مناحي الحياة.
تلبي احتياجات السوق
على مدى سنوات الحرب التي شنتها مليشيا الحوثي، ازدهرت تجارة الملابس المستعملة، ولقيت رواجاً واسعاً، بين المواطنين الذين لم يجدوا خيارا آخر لاتقاء برد الشتاء.
ونتيجة لضعف القدرة الشرائية وارتفاع معدلات الفقر في مناطق سيطرة المليشيا، لاحظ التجار إقبال المواطنين على شراء الملابس المستعملة، الأمر الذي دفعهم لتلبية احتياجات المواطنين، وذلك باستيراد الملابس المستعملة من الخارج.
حميد -مكتفياً باسمه الأول خشية على حياته- يعمل في مجال بيع الملابس المستخدمة، يتحدث لـ"2 ديسمبر": "إن ازدهار استيراد الملابس المستعملة يرجع إلى إقبال كبير للمواطنين على اقتنائها، مما جعل تجارا كبارا يوفرونها من أسواق مفتوحة في دول أوروبا ودول الخليج، تلبية لاحتياجات المواطنين وتجاوبا مع المستوى المعيشي في البلد".
يشير حميد، بأن هناك أسواقاً عالمية متخصصة في بيع منتجاتها للدول الفقيرة مثل اليمن ومصر والعراق، ويتم دفع قيمتها بالطن ويبعونها للتجار في اليمن بالكيلوجرام، بينما يبيعها "حميد" في بسطته لزبائنه بالقطعة، إذ تبلغ أقصى قيمة للقطعة الوحدة ألف ريال.
وتدهورت أوضاع المواطنين الاقتصادية في عموم الجمهورية وعلى وجه الخصوص القابعين تحت سيطرة مليشيا الحوثي بشكل مخيف هذا العام، إثر فقدانهم رواتبهم وأعمالهم ومصادر دخلهم، بالتزامن مع غلاء المعيشة نتيجة فرض الإتاوات على التجار من قبل المليشيا، في منافذ المدن، وارتفاع الإيجارات ونقص السيولة النقدية، كل ذلك حول حياة الأهالي إلى مأساة إنسانية كبيرة.