يعيش المواطنون في المدن الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية، في أجواء شديدة الترهيب؛ إذ إن إجراءاتها القمعية التي تطال كل من يعبّر عن آرائه، أو يوجه نقدًا للانتهاكات التي ترتكبها، جعلت الأهالي يلتزمون الصمت خشية التعرض للاعتقال والتعذيب أو التصفية الجسدية. 
 
التجربة الخمينية التي تطبقها المليشيا الكهنوتية، خلقت شعورًا بالخوف والرهبة،  أجبر الأهالي على التزام الصمت، وعزل الناس عن ممارسة الأنشطة الحزبية، علاوة على التخلي عن مطالبهم الحقوقية والقانونية.
 
الناشطة سميرة- نتحفظ عن ذكر إسمها الرباعي خشية على حياتها- تصف كيف حولت المليشيا الكهنوتية العاصمة التي كانت تحتضن مقرات الأحزاب والتنظيمات السياسية، إلى مقبرة للأحلام والأماني، وعزلت الناس عن الممارسة السياسية؛ إذ إن أي ناشط سياسي يخالف آراءها ومعتقداتها السلالية، يكون مصيره الاعتقال والإخفاء القسري.
 
تقول ألفت لوكالة "2 ديسمبر" الإخبارية، إن واقع الحياة في العاصمة تبدل من مدينة كانت تضج بالحياة السياسية وتضمن للمواطن حق العيش والتعبير عن آرائه بحرية، إلى مدينة لا تقبل سوى سياسة الكهنوت وثقافته الإمامية الخمينية.
 
وتصف ما آل إليه حال المواطن بالقول: "بات عليه اليوم أن يعزل نفسه عن واقع الحياة السياسية التي ألبستها المليشيا لباسًا دينيًا متخلفًا، يجبرك ضميرك الوطني أن ترفضه".
 
شعور الغربة
 
الرفض المجتمعي للسياسات الكهنوتية، والاتجاه للانعزال عن مسرح المليشيا، بحسب ألفت، خلق لدى عامة الناس شعورًا بالغربة والألم بالحال التي غدت فيها صنعاء وهي بهذا الظلام، بعد أن كانت منطلق الحرية والممارسة السياسية والتعددية الحزبية.
 
تضيف: لعل الضمير الوطني الجمهوري الذي ترسخ في نفوس المواطنين، جعل الناس يفضلون الانعزال وعدم المشاركة بأي شيء تقره مليشيا الحوثي.
 
الندم على ما فات
 
 من جهته، يقول أحمد بشير- نتحفظ عن ذكر إسمه الرباعي خشية على حياته- إن واقع الحياة اليوم في صنعاء يؤكد أننا كنا قبل سيطرة المليشيا على العاصمة، نعيش أرقى عهدنا الديمقراطي، لكن كنا غير مدركين، ولا نستطيع حتى أن نقارن تلك الفترة بما نحن فيه اليوم، لأن الموجود الآن اعتبره إرهابًا.
 
يضيف بشير لـ"2 ديسمبر": تدشين المليشيا للطقوس الطائفية الإمامية والخمينية، بما في ذلك ذكرى مجيء الإمام الهادي ويوم الغدير ويوم عاشوراء .. كل هذه الطقوس جعلتني أشعر أني أعيش بالقرون الماضية".
 
مخاوف وتحدٍّ
 
لم يقتصر حال الناس في العاصمة المختطفة صنعاء على الشعور بالعزلة، التي أجبرتهم عليها سياسة المليشيا، وإنما شملت أيضًا مخاوف الأهالي على أطفالهم من الطقوس والممارسات الحوثية التي تقوم بها في المدارس ومن تغييرات المنهج التعليمي، كل هذا جعل الآباء يقومون بتوعية أطفالهم في المنزل بالتعليم الجمهوري.
 
في هذا السياق، يقول بشير: "أصبحت أخاف على أطفالي وأتحدق معهم كل يوم عن ثوار سبتمبر وأكتوبر، ونستمع معًا للمناسبات الجمهورية من مهرجانات واحتفالات وأغانٍ وأناشيد، هذا يساعد- كما يرى بشير- على التخفيف من شعور الغربة والعزلة، كما يعزز فكرة "الاعتزاز بمجدنا التاريخي وحماية أطفالنا من آفة السرطان الحوثي".
 
وكانت العاصمة صنعاء مقرًا دائمًا للأحزاب السياسية والمنظمات المجتمعية والإنسانية، إلى أن جاء الكهنوتيون وقضوا على الحياة السياسة وصادروا آراء الناس ليفرضوا سياسة الرأي الواحد والصوت الواحد والجماعة الواحدة.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية