كيف يمكن حرمان مليشيا الحوثي الاستفادة من تحويلات المغتربين؟
تُعد التحويلات المالية الخارجية من أهم موارد الدخل القومي لأي بلد، وتتمثل بفائض الميزان التجاري الموجب للبلد، أي الفرق بين قيمة الصادرات وقيمة الواردات، والقروض والمنح والمساعدات والهبات والإعانات الخارجية التي تُقدّم للحكومة أو الشرائح المجتمعية، والتحويلات المالية لبرامج المنظمات التابعة للأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني الخارجية العاملة في اليمن، وتحويلات المغتربين.
ومنذ الانقلاب الحوثي، تُعد تحويلات المغتربين من أهم وأعلى موارد الدخل القومي لليمن، والتي قد تصل تقريبًا إلى أكثر من سبعة مليارات دولار، وهي أيضًا العامل المهم في شبه استقرار العملة الوطنية، خصوصًا في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية الإرهابية.
في تصريحه لـ"2 ديسمبر"، يرى الخبير الاقتصادي محمد القدسي، أن مليشيا الحوثي أكبر المستفيدين من التحويلات المالية الخارحية، وبالذات تحويلات برامج منظمات الأمم المتحدة التابعة لها ومنظمات المجتمع المدني والأهلي؛ بحكم المقرات الرئيسية لهذه المنظمات الكائنة في العاصمة المختطفة صنعاء، وأكثر السكان في مناطق سيطرتهم، والدعم الطائفي الشيعي الإيراني، وكذا تحويلات المغتربين بحكم أكثرية المغتربين التي تتناسب مع أكثرية السكان في مناطقهم".
بدوره الخبير الاقتصادي مصطفى نصر، قال لـ"2 ديسمبر" إن تحويلات المغتربين ظلت شريان حياة لملايين اليمنيين خلال فترة الحرب، ولا تزال، لا سيما مع توقف مصادر النقد الأجنبي، وتوقف كثير من القطاعات الاقتصادية المهمة، وتوقف المرتبات، وظلت التحويلات بمثابة الشريان الرئيسي للحياة الاقتصادية ككل، كونها ترفد الدولة بالعملة الصعبة رغم تراجعها خلال فترة كورونا بشكل كبير، هذه التحويلات للأسف الشديد تأخذ مسارًا غير رسمي، وهذا ينتج عنه وجود فاقد كبير في عملية التحويل، لأن عمليات التحويل تتم عبر شبكات وقنوات غير رسمية".
ويضيف "نصر" أن الكثير من هذه التحويلات تتجه إلى مناطق سيطرة الحوثي، وهناك أسباب منطقية لهذا الأمر، على رأسها الكثافة السكانية الكبيرة المتواجدة في مناطق سيطرة الحوثيين، ولا شك أنه حدث تغيير ديموغرافي عبر تشرد الملايين من اليمنيين من مناطق سيطرة الحوثي إلى مناطق أخرى مثل مأرب والمحافظات الجنوبية وغيرها، ومعظم أو كثير من الناس يعتمدون على الاغتراب بالمقارنة بمناطق سيطرة الحكومة الشرعية التي يتم الاعتماد فيها بشكل كبير على المرتبات الرسمية.
أما عن الدور الذي يمكن للشرعية أن تلعبه للحد من استفادة الحوثي من التحويلات المالية، فيرى "القدسي" أن ذلك يمكن من خلال القيام بالإجراءات الجدية الصادقة؛ ففيما يتعلق بموارد منظمات الأمم المتحدة والأهلية الخارجية، فعلى الحكومة الشرعية والتحالف ممارسة الضغط الفعال على الأمم المتحدة ودول الرباعية وإقناعهم بتحويل المكاتب الرئيسية للمنظمات من صنعاء إلى عدن، وكذا تحويلاتهم المالية إلى البنك المركزي- عدن".
ويضيف "القدسي": فيما يتعلق بتحويلات المغتربين، وخصوصًا أن نسبة 90% تقريبًا تأتي من دول الخليج العربي، وأعلاها السعودية التي صارت عملتها رئيسية للتداول التجاري في اليمن، فعلى الحكومة الشرعية أن تطلب من دول الخليج التعاون الصادق معها في فتح حسابات للبنك المركزي- عدن لدى بنوكها وإلزام المغتربين بتوريد تحويلاتهم إلى هذه الحسابات، ومن ثم يستقبل البنك المركزي بعدن هذه التحويلات ويُعد كشوفات بها ويرسلها إلى جميع فروعه في المحافظات المحررة، والبنوك التجارية وشركات الصرافة التي يتعامل معها في كل محافظات اليمن ويطلب منها استقبال المحول لهم والصرف لحوالاتهم وفق آليات مالية ومصرفية يتم الاتفاق عليها".
وحول أدوار الحكومة الشرعية للاستفادة من هذا المورد، يشير "نصر" إلى أنه لا بد من برنامج طموح لهذه المسألة، يركز في البداية على تسهيل الخدمة بحيث تتحول من الطريقة غير الرسمية إلى الطريقة الرسمية، لتسهل الاستفادة من هذا القطاع المصرفي، ويمكن الاستفادة منها لتمويل استيراد السلع وغيرها، بالإضافة لتقليص حجم رسوم الخدمة، ونشر نقاط الخدمة في مناطق عدة من البلاد، وتيسير وصول الناس للعملة الصعبة وصرفها".