تقرير| تمنع عمل المرأة في المطعم ولا توجد حلًا للمتسولة في بابه.. ما وراء استهداف مليشيا الحوثي للمرأة المتعلمة؟!
تشكو "فاطمة" بحسرة واقع الحياة اليومية التي تعيشها، في العاصمة المختطفة صنعاء، بعد أن استحدثت الذراع الإيرانية في اليمن، آليات جديدة لقمع النساء والتضييق عليهن في عملهن وحرمانهن من التعليم بزعم منع الاختلاط.
فاطمة، التي تسكن حي الصافية- نتحفظ عن ذكر اسمها الثلاثي، لحمايتها من التعرض للاعتقال- أكدت أن حرب المليشيا الحوثية تستهدف المرأة المتعلمة، موجهة سؤالًا لكل ذي عقل: "لماذا لم تفرض مليشيا الحوثي قرار المحارم على المتسولات، وهن، اليوم، بالآلاف في شوارع صنعاء وكل المحافظات الواقعة تحت سيطرة المليشيا؟!
وتتابع تساؤلاتها: لماذا لا تهتم مليشيا الحوثي بمنع اختلاط المتسولات مع الرجال وهن يقفن أمام المطاعم ينتظرن بواقي الأكل لأطفالهن؟!
بهذه التساؤلات الصادرة من أعماقها، أكدت فاطمة في مستهل حديثها، أن مليشيا الحوثي تسعى إلى الانتقاص من إنسانية المرأة، وجعلها تتقبل القهر والظلم وخاضعة لكل إملاءاتها.
أهداف خبيثة
تشير فاطمة إلى أن حرب المليشيا ضد المرأة ناتجة عن خشيتها من تعليمها وإشراكها في العمل والحياة اليومية، لأن المرأة المتعلمة تصنع أجيالًا أكثر قوة ووعيًا، لن يكون سهلًا إخضاعها للأهداف التي تريد المليشيا تحقيقها، متوقعة أن يتضاعف قمع المليشيا للمرأة بشكل أكبر.
تضيف: مليشيا الحوثي تدرك أن وجود المرأة المتعلمة يعني وجود حواجز أمام مخططاتها لتحشيد الأطفال وتجنيدهم؛ فالمرأة المتعلمة تشكل حصانة لأطفالها من أفكار الضلالة الحوثية.
نهلة، وهي طالبة جامعية تشاطر فاطمة توقعاتها حول تضاعف القمع ضد المرأة، معتقدة أن السلوك الإجرامي للمليشيا الكهنوتية يدفعها إلى تركيز أعمالها الإرهابية ضد النساء اليمنيات.
وترى أن المليشيا الكهنوتية التي أحاطت النساء في مناطق سيطرتها بقيود جديدة، تسعى إلى إحياء الموروث الإمامي الذي يركز على تقسيم المجتمع وإضعافه، كون الحرية والعدالة من ثوابت الجمهورية التي رسخت الحقوق والعدالة للشعب اليمني نسائه ورجاله.
العودة إلى الخلف
بدورها، ترى إحدى الناشطات- نتحفظ عن ذكر اسمها- أن مساعي المليشيا لقمع المرأة تأتي في سياق حربها على ثوابت وقيم الجمهورية؛ إذ شنت خلال العامين الماضيين خطابات وقرارات تشرع سلب المرأة حريتها ومشاركة الرجل في العمل بالمؤسسات، كون ذلك ثقافة الجمهورية التي لا تعترف بها العقلية الإمامية.
وتؤكد أن المليشيا تعمل على "نسف ما حققه النظام الجمهوري فيما يتعلق بكرامة المرأة، بعد أن كان قد قطع شوطًا كبيرًا في دفعها للمشاركة في الحياة الاجتماعية والسياسية، وخروج المرأة من آليات القهر الاجتماعي، التي كان يُنظر لها في عهد الإمامة على أنها حالة من السفور والتبرج".
تركيز حوثي
في أحد خطاباته الأخيرة، ادّعى زعيم المليشيا الحوثية، المدعو عبدالملك الحوثي، أن الغرب يسعى لاستعباد الأمة الإسلامية، وإفسادها تحت عناوين السلام والحرية والحقوق والحريات، وهو خطاب يؤكد جنوح الكهنوت وإصراره، بمبررات واهية، على تطبيق سياسة قمع النساء كمقدمة لقمع المجتمع وإخضاعه، باعتبار الأم مدرسة يتعلم منها أبناؤها عناوين الحرية وقيم الكرامة.
قرارات عبودية
بناء على نهجها الكهنوتي، أصدرت المليشيا أكثر من 20 قرارًا وتعميمًا بين ديسمبر 2017 وأبريل 2022، لتقييد حرية وحركة النساء وأنشطتهن المجتمعية، وتدخلت حتى في تحديد مستلزماتهن الشخصية.
وفي ديسمبر 2019، وجّهت المليشيا قرارًا يقضي بمنع إقامة الدورات التدريبية وورش العمل للرجال والنساء، كما منعت الأنشطة التي تتطلب فِرقًا جماعية، وكل ما له علاقة بالمرح والترفية وتبادل المعرفة.
وفي أغسطس 2020، أصدرت قرارًا يمنع حفلات التخرج للطلاب والطالبات بجامعة صنعاء، وشكلت ما يسمى بـ"نادي الخريجين" للإشراف على حفلات التخرج ومنع ما تزعم أنه اختلاط، وهو جزء من خطة حوثية هدفها قمع المرأة.
وفي يوليو من العام ذاته، منعت النساء من دخول الحدائق والاستراحات والمتنزهات.
وفي يناير 2021، أصدرت المليشيا قرارًا بمنع النساء من العمل في مطاعم صنعاء، وهددت بإغلاق عدد من المطاعم بسبب توظيفهن نساء رغم أن معظمهن يعملن بأقسام العوائل كما هو متعارف عليه.
عودة إلى فاطمة، التي وضعت سؤالًا أخيرًا: لماذا منعت مليشيا الحوثي عمل المرأة في المطاعم ولم توجد حلًا للمرأة وهي تقف متسولة لقمة العيش أمام ذات المطعم؟!