بانتظام شبه يومي، كغيره من عشرات الشباب، يقوم علي النيش (20 عاماً) باكراً لممارسة عمله الاضطراري بجمع الرملة "النيس" في وادي حرحر 150كم شمالي محافظة لحج، بعد أن أصبحت المهنة الوحيدة المتاحة أمامه كغيره من شباب الوطن جراء الحرب المفروضة من قبل مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانيا.
 
حين بدأت مليشيا الحوثي حربها المتواصلة على الشعب اليمني لصالح أجندة إيرانية كان هذا الشاب صبياً بأحلام وطموح لا يقل عن أن يكون طياراً أو مهندساً أو دكتوراً أو لاعب كرة قدم في المنتخب الوطني... ولكن كان قَدَره أن يترعرع في زمن اللا دولة، حيث يكون سعيد الحظ من لا يزال قادراً على العيش الكفاف.
 
تحت وطأة شمس الظهيرة الحارقة في لحج يعمل "علي النيش" على غربلة ما تم جمعه من النيس والذي يكون غالباً حمولة سيارة لبيعه بمبلغ 8 آلاف ريال يمني. 
 
يقول النيش لـ"2 ديسمبر": "هذا المبلغ لا يكفي لسد احتياجاتي أنا من أكل وشرب، فما بالك بأسرتي، خاصة أنه يستغرق مني يومين لجمعه وغربلته ومن ثم نقله بالسيارة قبل بيعه بثمن بخس"، يقول علي.
 
وفي ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تشهدها البلاد، يرى "النيش" أن مهنته تلك لم تعد مجدية لمواجهة ظروفه المعيشية الصعبة.
 
سيف محمد، هو الآخر يداوم في هذا الوادي الذي لم يكن يخطر بباله يوماً أن يكون مصدر رزقه. يقول: "جمع النيس" يأخذ منك الوقت الكثير ولا تجني منه سوى لدغات الثعابين أو حالات الإغماء التي قد تتعرض لها تحت أشعة شمس لحج الحارقة، مضيفا إنها "مهنة صعبة وشاقة".
 
وإضافة لذلك، فإنه إذا لم يتم بيع النيس مباشرة بعد تجميعه قد يتعرض للخسارة وفقدانه تماماً، سيما في مواسم الأمطار، يؤكد سيف.
 
وفي الوقت عينه يغدو الفتى موسى الزيدي (17 عاماً) مع الطير لجمع مادة الكري ما يقارب ساعتين من الزمن رفقة شقيقه قبل ذهابهما إلى المدرسة ليعود بعدها للعمل عصراً لمساعدة والده المصاب بشلل أقعده عن الحركة.
 
في حديثه لـ"2 ديسمبر" يقول موسى، الذي لم يفارقه حلمه في أن يكون لاعب كرة قدم في المنتخبات الوطنية: "لا نكسب سوى 7 آلاف ريال لقاء حمولة سيارة من الكري، وغير كافية لتغطية احتياجات الأسرة من القوت الضروري".
 
يختتم موسى، قاطعاً الحديث بحرقة وألم مؤكداً أنه فقد شقيقه في هذا الوادي، "مرض ومات بسبب عمل لا يكاد يسد الرمق. لكن أيش نعمل.. إما أن نبكر لجمع الكري وبيعه أو الموت جوعاً".

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية