دلالات الاحتفاء الشعبي.. استشعار بالخطر وارتباط وجداني بأهداف 26 سبتمبر (تقرير)
ليس مجرد احتفاء بالعيد بقدر ما هي معركة يخوضها الشعب اليمني في تجذير الوعي الجمعي حول الأهداف النبيلة لثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة، باعتبارها أهم الأحداث المفصلية التي غيّرت وجه اليمن وأعادت الاعتبار إليه، بعد أن استأثر الأئمة بحكم البلاد ردحاً من الزمن ساد فيه قانون الغاب، وشرائع فُصلت على مقاس السلالة الكهنوتية، أذاقت الشعب ويلات العذاب وحرمته من أدنى حقوقه المشروعة.
ارتباط وجداني بأهداف الثورة الأم
الاحتفاء الشعبي اللافت استشعار بالخطر من قبل مليشيا الحوثي -أحفاد الإمامة- وبرهان أصيل على الارتباط الجمعي مع مكنون ما أنجزته الثورة من متغيرات في شتى مناحي الحياة، فالقضاء على حكم أسرة بيت حميد الدين الكهنوتي الظالم وإقامة الجمهورية بكل ما تحملها من معانٍ عظيمة، فتح الباب أمام الشعب للتعليم وبناء المستشفيات والانخراط في المجال السياسي والنقابي كإجراءات متتابعة تلت إعلان الجمهورية.
أسست الجمهورية بنياناً صلبًا لقيام الدولة بمفهومها المعاصر، فالأهداف الستة التي خطها الثوار كقاعدة لاستعادة اليمن لإرثِه الحضاري والتاريخي، أخذت في الحُسبان حاجة الشعب للالتحام الكامل وتعويض سنوات الحرمان التي سادت قبل الإطاحة بالنظام البائد، بقادم يحفظ كرامته ويصنع منه كيانًا ذا تأثير مباشر في الحياة السياسية كمالكٍ للسلطة ومصدرها.
الكاتب السياسي موسى المقطري، يرى أنه مع محاولة العودة بالوجوه الإمامية للواجهة، أخذ اليمنيون احتفالهم بهذه المناسبة فرصة للتعبير عن ارتباطهم بالجمهورية، والتأكيد هذا يترجمه الشعب يومياً أيضًا بمقارعة الانقلاب الحوثي في مختلف الجبهات.
ويؤكد المقطري في حديثه لـ"2 ديسمبر"، أن الاحتفالات بكل هذه الضخامة مردها التأكيد على استحالة العودة بالتاريخ إلى ما قبل ثورة 26 سبتمبر التي ستظل حاضرة في الوجدان اليمني وتسجل في تاريخنا نقطة بيضاء لا يمكن تجاوزها.
محاكمة منصفة تعقدها الثورة الأم لجحافل الظلام، حمْلُ مسيرة ستين عامًا تمخض عنها وعي مغاير يفقه الخرافة ويدحضها ويناضل من أجل استئصالها، بتسلحٍ لا ينسلخ عن مبادئ سبتمبر المجيد، ومع كل عيد من سنا أيلول يتجدد القسم بفناء الدخلاء وبائعي المكاسب.
يؤكد الصحفي عمار زعبل رئيس تحرير صحيفة 26 سبتمبر العسكرية، أنه ورغم التجريف الممنهج الذي تمارسه مليشيا الحوثي، ضمن مشروعها الإمامي بنسخته الجديدة التي تسعى من خلاله إلى القفز عن أهداف ومكتسبات الثورة اليمنية، بمضامينها وأسسها، إلا أن الوعي الجمهوري المتجذر أفشل كل مخططاتها إلى اليوم، والدليل الاحتفاء العفوي الحاصل بالثورة ورموزها، أو بترديد الأناشيد الوطنية والترويج لها.
الأمر الآخر، الذي يؤكد عليه زعبل في تصريحه لـ"2 ديسمبر"، أن الحاجة للجمهورية والدولة الضامنة، وتحقيق أهداف ثورة 26 سبتمبر الستة، صارت أكثر وضوحاً للشعب، وأن أي محاولات مصيرها الانهزام، مهما وجدت من دعم.
ستون عامًا من عمر الثورة وما زالت جذوتها في اشتعال متواصل، بل وازدات في السنوات الأخيرة مظاهر الاحتفاء بها؛ كتجذير لقيمها السامية في وجه إصرار مليشيا الحوثي الإرهابية على طمس حضورها في أذهان ويوميات اليمنيين.