يبدو أن القدر السيئ، وحظنا الأسوأ أيضًا، كتب لنا أن نعيش هذه اللحظات الأكثر سوءاً في تاريخ هذا الوطن، حيث عادت بنا عجلة التاريخ إلى ما قبل ستة عقود، حتى نقدّر كيف كان أجدادنا يعيشون قبل ثورة 26 سبتمبر حكم الإمامة والكهانة والكهنوت لنعيش حقًا تلك الحقبة السوداء مرة أخرى، وكيف كان يدير رموز الظلام الساقطون  شعبًا ووطنًا، وكيف أن هؤلاء القلة ماهرون في الكذب والدجل والخداع والتضليل بالاعتماد على الحمقى الذين أهانتهم بطونهم.
 
قدرنا السيئ كتب لنا معرفة كيف أن هذا الوطن ضحية لزمرة سلالية ولاؤها للخميني وهويتها لقم وانتماؤها لطهران، ولا علاقة لها بهذه الأرض لا شكلًا ولا فكرًا ولا حتى لونًا، مهما تحاذقت وادعت غير ذلك. 
 
محاولات التحاذق وجلب الناس بطرق قمعية مختلفة يجعلها تصدق كذبها وتستمر فيه؛ بل وتستعرض بمن ارتضوا أن يكونوا نعاجها في الطرقات والشوارع؛ لترضي سادتها في طهران مدعية أنها الأكثر عددًا، ما يدعو حقًا للسخرية؛ فالجميع يعرف حجمها الحقيقي، كما أن العدد ليس معيار الانتصار ولنا في ملاحم أجدادنا في ثورة 26 سبتمبر العبر والدروس، وكيف استطاع ثلة من الأحرار أن يحرروا الشعب والوطن من عُصبة الظلام الإماميين، بعد كفاح وبطولات سطرها التاريخ حتى مطلع الفجر وإعلان قيام الجمهورية اليمنية. 
 
فالثورة الخالدة 26 سبتمبر لم تخلقها الصدفة بل سواعد وإصرار الرجال الأحرار الذين أخرجوا أبناء الشعب من العبودية والتبعية والتقديس ليكون الإنسان مقدسًا لنفسه ووطنه، لا يقبل الضيم ولا ينحني لطاغوت. 
 
ولكن لا يمكن لنا أن ننكر كيف استطاع هؤلاء الظلاميون استغلال عظمة الثورة وتسامح الثوار ليتسللوا إلى حياتنا مجدَّدًا، ويسلبوا الحياة ومستقبل الأجيال، ويسلموا الوطن للشيطان، انتقامًا من الثورة السبتمبرية العظيمة.. واليوم، أمست وقاحة هؤلاء الكهنة أكثر وضوحًا ليدعوا إعلانهم الانتصار على ثورة الشعب اليمني وتدمير وتمزيق الوطن وتشريد أبنائه وفرض مشروع الخرافة الإيراني، بعد أن دمرت مليشياتهم التعليم والصحة والتنمية، وتحتفل على أنين الجوعى ودموع الأمهات ومقابر المخدعوين. 
 
قد تكون الحقيقة المرة، أن صنعاء لم تسقط في هذا اليوم؛ بل كان السقوط قبل هذا التاريخ بكثير وما حدث في هذا اليوم الملعون هو فقط استكمال السيطرة على ما تبقى من مؤسسات الدولة، ويوم 21 سبتمبر كان تتويجًا لنكبة سبقت هذا اليوم بكثير، حين أعطى اليمنيون الثقة لمن يضمرون في خبايا نفوسهم فكرًا سُلاليًا خبيثًا شعاره الموت واللعنة. 
 
تتعامل اليوم مليشيا الظلام الحوثية باستهتار منقطع النظير مع الشعب اليمني وأوجاعه وآلامه المستمرة للعام الثامن منذ نكبة 21 سبتمبر، التي انقلبت فيها على الدولة وعطلت مؤسساتها، وتتعامل مع أبناء هذا الوطن بغلٍ وحقد ينم عن سوء أخلاق وفساد سجية لا يصلحه الزمن؛ لكنه، في المقابل، أكد لليمنيين أن ثورة 26 سبتمبر الخالدة كانت أعظم قرار اتخذه الأجداد قبل 60 عامًا من الآن. 
 
محاولة طمس ثورة ٢٦ سبتمبر العظيمة بانقلاب ٢١ سبتمبر خطوة غبية أخرى من خطوات هذه المليشيا الكهنوتية، وإمعان في الوقاحة لا تُقدم عليها إلا هذه الجماعة المعاقة فكريًا وخلقيًا، غير مدركة أن كل محاولاتها لطمس نور الثورة بسواد النكبة، ستفشل لا محالة، وإن ابتدعت ألف مسرحية هزيلة لقلب الحقائق. 
 
لتحتفل كيفما شاءت وأين ما تريد؛ فلنا سبتمبر جديد ووعد قادم وسترى هذه المليشيا وأزلامها كيف سيبزغ فجر سبتمبري آخر، يبدد ظلامها ويهز أركانها، ولكن هذه المرة سيكون الشعب قد أدرك تمام الإدراك حقيقة كهنتها، ولن تفلت من عاصفة الشعب التي ستقتلع الجذور.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية