على حين غرة، أفاق سكان قرى عزلة "القصرة" في مديرية بيت الفقيه جنوب الحديدة  على صباحٍ حالك بالموت ومشرغ بالدم، تحيطهم الآليات والعربات العسكرية التابعة للحوثيين  من كل ناحية، وأزيز الرصاص بين الأحياء، تقتل وتُصيب وتبث الرعب، وعلى الجانب الآخر يُضرب حصارٌ خانقٌ على بعض القرى. كان هذا المشهد قبل أسبوع، عندما سيّرت مليشيا الحوثي حملةً عسكريةً إلى "القصرة" لنهبِ أراضٍ شاسعةٍ للسكان.
 
حينما ظن الحوثيون أن بوسعهم إخماد الحقوق ووأد المواقف الصلبة للسكان بشرارة الأعيرة النارية، اندلعت شرارة انتفاضة فورية بخروج السكان جموعًا وأفرادا مؤزّرين بموقف صلب وعزيمةٍ لا تلين، رافضين التنازل عن حقوقهم لأي تصرف عبثي يسلخهم عن أرضهم وأملاكهم التي توارثوها جيلاً بعد جيل، حتى وقعت عليها أعين الحوثيين فجاءوا إليها طامعين.
 
وفق ما أفادت التقارير المتواترة من هناك، فقد جرى نهرٌ من الدم سال من عشرات الأبرياء المقتولين بآلة الموت الحوثية في مجزرة جماعية، وهم يتصدون برمقهم الأخير لتقدم رتل عسكري يضم مئات المسلحين وعشرات العربات العسكرية، جلبه الحوثيون لفرض أمرٍ واقع على سكان قرى "القصرة" وسلبهم أراضيهم ومزارعهم قهرًا دون تردد.
 
وعلى ما أفادت مصادر حقوقية، فإن ما أقدمت عليه المليشيا يعد جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية؛ فضلاً عن كونه انتهاكاً صارخاً لاتفاق ستوكهولم، باعتبار المنطقة التي استبيحت من قبل المليشيا محكومة بالاتفاق المرعي أُمميًا ويفترض أن تكون منطقة منزوعة السلاح ومخليةً من المظاهر المسلحة طبقاً لبنود الاتفاق المُبرم في ديسمبر 2018.
 
ولا يزال عشرات المدنيين من سكان قرى طرف يحيى سهل، الخضارية، المعاريف، وبني الصباحي، في عزلة القصرة، مصفّدين في السجون والأقبية التابعة للحوثيين، بينما يستمر عناصر المليشيا بضرب الحصار على هذه القرى وملاحقة الرافضين بعد أن قتلوا عشرات الأبرياء العُزّل، بمن فيهم نساء وأطفال، وحولوا العزلة إلى دار عزاء مفتوح يعلو فيه نواح الموتورين والأطفال الميتّمين.
 
وفيما اقتصر موقف الأمم المتحدة على التعبير عن القلق حيال المذبحة الشنيعة، والاكتفاء بوعد "التحقق من هذه التقارير المزعجة"، كما ورد على لسان المتحدث باسم الأمين العام، "ستيفان دوجاريك"، الجمعة الماضي، تواصل بعثة الأمم المتحدة إلى الحديدة "أونمها" غض الطرف وتجاهل ما يجري هناك، وكأن ما يحدث لا يعنيها.
 
في رأي حقوقيين، فإن الموقف الأممي المتراخي رغم فظاعة الجريمة وبشاعتها، يُصوّر للحوثيين قناعات متماهية معهم، ما يدفعهم لمزيد من الممارسات الجائرة ضد الأبرياء في الوقت الذي يعتقدون أن ثمة مراعاة دولية لما يقترفونه من انتهاكات جائرة تحدث علانية في مناطق مؤطرة باتفاق تشرف عليه الأمم المتحدة التي ترفض اتخاذ مواقف صارمة للحد من هذه الانتهاكات ووقف عمليات القمع والاضطهاد اليومية في الحديدة.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية