المحرر السياسي| في الذكرى الأولى لقصف مليشيا الحوثي ميناء المخا
في مثل هذا اليوم، قبل عامٍ تحديدًا، أفاق سكانُ مدينة المخا صباحًا على أصوات انفجارات وأعمدة دخان نتجت عن قصف عدواني حوثي استهدف أقدم ميناء قي جزيرة العرب "ميناء المخا"، متسببًا في احتراق وإتلاف مئات الأطنان من المساعدات الإنسانية التي تحتفظ بها الخلية الإنسانية في المقاومة الوطنية دعمًا من هيئة الهلال الأحمر الإمارتي، تمهيدًا لتوزيعها على مستحقيها النازحين والأسر الأشد فقرًا في عموم المديريات والمناطق المحررة في الساحل الغربي.
وقد مرّ عامٌ على هذا القصف الذي نُفذ بصاروخين باليستيين و6 طائرات مسيّرة؛ إلا أن ذاكرة السكان لا زالت تختزل تفاصيل الجريمة الشنعاء التي أرادت من خلالها مليشيا الحوثي الإرهابية الانتقام لخسائر فادحة تكبدتها في ساحات الحرب، بصورة تنم عن حقدها تجاه كل ما يمت إلى تاريخ وثقافة المخا بِصِلة، وتدمير أحد أهم مقدرات المدينة واليمن على وجه العموم.
وفي أعقاب الجريمة الفظيعة، اكتظت شوارع مدينة المخا بأعداد غفيرة من المتظاهرين، الذين نددوا بالاعتداء الهمجي وبعثوا رسائل واضحة إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، علاوة على رسائل أخرى لمليشيا الحوثي، أكدوا فيها وقوفهم جميعًا مع القوات المشتركة في الدفاع عن مقدرات المدينة وصون أمنها واستقرارها ومواجهة كل ما تحيكه المليشيا من مؤامرات تجاه المدينة.
كان القصف الإرهابي قد طال منشآت الميناء ورصيفه ومخازنه ومكاتب موظفيه والمراكب التجارية الراسية فيه، وذلك في ذروة الدوام الوظيفي؛ إلا أن جاهزية مختلف الوحدات وعلى رأسها الاستخبارات العسكرية وخفر السواحل وأمن الميناء، أفشلت تحقيق أهداف هذه الجريمة البشعة، وتم تحييد معظم أهدافها وإخلاء العمال المدنيين وسكان المناطق المحيطة بالميناء بالتزامن مع تمكّن الدفاعات الجوية للقوات المشتركة من إسقاط بعض السلاح المهاجم وتدميره.
وجاء القصف الحوثي على الميناء العريق، بعد أكثر من شهرين على البدء رسميًا باستقبال السفن التجارية في رصيف الميناء، الذي عاود نشاطه من جديد بعد توقف دام سبع سنوات نتيجة تعطيل ممنهج من قِبل المليشيا أثناء سيطرتها على المدينة، ثم تدميرها أغلب مرافق الميناء قبيل طردها منه؛ غير أن جهودًا مضنيةً بذلتها المقاومة الوطنية عونًا للسلطة المحلية تكللت بإعادة تشغيل الميناء أواخر يوليو 2021م.
وفي غضون أيام، عقب القصف الذي أرادت به المليشيا تدمير الميناء وإخراجه عن الخدمة؛ اُستُئنفت الأنشطة الملاحية من جديد وعاودت السفن التجارية رسوّها على رصيفه، ما شكل حينها صدمة للمليشيا الإرهابية التي راودتها الظنون سلفًا أنها قد حققت هدفها بتدميره، ومثّل رسالةً تأكيدية بالمضي قدمًا في تطوير وإصلاح الميناء، وتطبيب الجراحات وإزالة الندوب التي تسببت بها آلة الدمار الحوثية في ميناء المخا.
اليوم، وقد مضى عامٌ بالكمال والتمام، لم يبقَ من تفاصيل ذلك القصف الإرهابي، إلا التذكير بالجريمة كفعل إرهابي لا يسقط بالتقادم، أما الدمار الذي لحق بالميناء يومها، فسرعان ما تمت معالجته وترميم الأضرار، والعودة بالنشاط الملاحي من جديد تأكيدًا لإصرار السلطة المحلية والقوات المشتركة على تشغيل الميناء وجعله نافذة للحياة تشمل كل اليمنيين، رغم أنف المليشيا الإرهابية والنوايا الخبيثة التي تبيّتها.