ها قد عادت صنعاء المختطَفة ليُراق على شوارعها الدمُ من جديد، وقد شرعت المليشيا الحوثية المدعومة من إيران بحملة تصفيات استهلتها بعمليتي اغتيال، الفارق بينهما 24 ساعة لا غير، الأولى استهدفت قاضيًا في المحكمة العليا الخاضعة لسيطرتها، في حين انتزعت الأخرى حياة نائب سابق في البرلمان.
 
ولم تُحصر عمليات الاغتيال على صنعاء فقط؛ بل امتدت إلى مناطق أخرى خاضعة لسيطرة المليشيا الإرهابية، فالقرار الذي يصدر من صعدة، معقل المليشيا الإرهابية، يُناقَش في صنعاء لتحديد قائمة الشخصيات المزمع التخلّص منها في عمليات مدبّرة من قِبل الأجهزة السرية التابعة للمليشيا.
 
مساء الثلاثاء الماضي، كان مسلحون حوثيون يتمركزون بشكل غير لافت للانتباه في حي الأصبحي جنوب العاصمة صنعاء، وعندما خرج القاضي في المحكمة العُليا محمد حمران، انقضّ عليه المسلحون قبل أن يغادروا المكان إلى موقع مجهول، وقد أفرغوا 12 عيارًا ناريًا في جسده وأردوه قتيلًا مغسولًا بالدم.
 
كان القاضي حمران قد تعرض لمضايقات كثيرة طوال الفترة الماضية، أعقبتها حملات إعلامية وكيدية استهدفت القاضي من خلال وسائل إعلام حوثية تبنت خطاب التحريض تمهيدًا لعملية التصفية التي تحاول المليشيا لفها بالغموض رغم تجلي الحقائق المتعلقة بالجريمة منذ فصلها الأول.
 
هي ساعات معدودة، حتى نمى إلى المسامع نبأ آخر تفوح منه رائحة الدم، القصة الثانية تحمل البصمات ذاتها؛ لكن المستهدف فيها شخص آخر يُدعى عبدالله الكبسي، وهو عضو برلماني سابق اغتالته المليشيا أمام منزله في حي الحصبة بصنعاء، في عملية لا زالت محاطة بالكثير من الضبابية؛ نظرًا لطبيعة العملية التي نُفذت بشكل سري دون أن يترك المنفذون علامات تفصيلية في مسرح الجريمة.
 
والنارُ التي أوقدها الحوثيون في صنعاء لتلتهم الكبسي وحمران، كانت شرارتها متقدة في المدى البعيد خارج صنعاء، وصولًا إلى محافظتي عمران وإب، ففي اللواء الأخضر صفّت المليشيا الإرهابية الشيخ القبلي علي عبدالله البعني في منطقة "بني زهير" بمديرية العدين غرب المحافظة، بعد أن استدرجته إلى خلاف حول قطعة أرض لتبديد الشكوك حول عملية الاغتيال.
 
والواقع أن المليشيا الحوثية نقّحت قائمة جديدة لشخصيات سياسية وبرلمانية وقبلية بمناطق سيطرتها، تمهيدًا لعمليات تصفية واغتيالات تُبيّت لها، بدأت إشاراتها الأولى تتضح انطلاقًا من صنعاء، مع تصفية الكبسي وحمران.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية