القنيطرة المغربية.. دخان كثيف يلبد سماء المدينة ويخنق أنفاس الزوار
هذا الغبار الأسود، أو السخام، الذي علا سماء المدينة لم يظل حبيس "القنيطرة" بل تتطاير جسيماته لتمتد إلى مدن ومناطق أخرى، مثل المهدية ومولاي عبد السلام وسيدي الطيبي.
دق ناقوس الخطر
ولهذا السبب عاد نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي وخبراء ونشطاء في مجال البيئة والصحة يطرقون من جديد ناقوس خطر انتشار الغبار الأسود بالقنيطرة، ويطالبون الجهات المسؤولة بالتدخل من أجل حماية صحة السكان والمدينة من التلوث،
وتعالت أصوات فاعلين آخرين مطالبين بوقف نشاط المعمل الحراري (الشق الذي يتسبب في التلوث) المكلف بتوليد الطاقة الكهربائية على اعتبار أنه السبب وراء انتشار ظاهرة الغبار الأسود.
وفي هذا السياق أيضا، دعا عدد من المهتمين بالمجال البيئي بوقف المواد الملوثة واعتماد الطاقة النظيفة حفاظا على صحة السكان الذين تعرض معظمهم لأمراض الحساسية وضيق التنفس.
وما زاد من حالة احتقان سكان القنيطرة والمدن المجاورة تصريح أحد المسؤولين عن المختبر الوطني للدراسات ورصد التلوث المكلف بتتبع الأبحاث حول الغبار الأسود بالمدينة المذكورة، إذ أرجع السبب إلى ارتفاع درجة الحرارة خلال الصيف، واعتبر أن هذا الأمر "طبيعي ولا يدعو للقلق".
تصريح المسؤول ذاته، آثار استياء عدد من الفاعلين والنشطاء الحقوقيين والبيئيين المحليين والوطنيين، واعتبرت تصريحاته غير منطقية ولا تتماشى مع ما هو علمي نتيجة أبحاث ودلائل تقنية.
وتساءل عدد من الخبراء البيئيين في حديث مع "موقع سكاي نيوز عربية"، عن علاقة الغبار الأسود بارتفاع درجة الحرارة علما أن ظاهرة الغبار الأسود تشهدها القنيطرة منذ سنة 2009، ولا علاقة لها بارتفاع درجات الحرارة، ذلك أن الغبار ظهر بالمنطقة في فصل الخريف الماضي، وكانت درجات الحرارة منخفضة.
المحطة الحرارية السبب
وحسب مصطفى بنرامل، خبير في البيئة والتنمية المستدامة رئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ في اتصال مع "موقع سكاي نيوز عربية"، أنه بعد عودة الغبار الأسود تعالت أصوات أهالي القنيطرة والفاعلين والناشطين في المجال البيئي والمناخ من جديد من أجل المطالبة بحمايتهم من خطر هذه المادة الملوثة للهواء.
وعزا بنرامل، سبب انتشار الغبار الأسود إلى المحطة الحرارية بالقنيطرة الخاصة بتوليد الكهرباء، وذلك بناء على عدد من الدراسات التي أجريت في هذا الصدد، ما اضطر مجموعة من المواطنين للخروج للاحتجاج مرددين شعارات من قبيل "أنقذوا مدينة القنيطرة" و"التنفس بات صعبا" و"أطفالنا يختنقون"، بالإضافة إلى وضعهم كمامات تعبيرا عن صعوبة استنشاق هواء نقي.
وأضاف بنرامل، أنه سبق للجنة الإقليمية لتتبع مشكل انتشار الغبار الأسود بالقنيطرة، التي تتكون من القطاعات المعنية بتلوث الهواء والمحافظة على البيئة وممثلي المجتمع المدني قامت بزيارة إلى المحطة الحرارية الطاقية والغازية يوم 10 يناير 2022 بمشاركة الجمعية نفسها، وذلك لتسليط الضوء على إشكالية تلوث الهواء والغبار الأسود.
ووفق تقرير صادر عن وزارة البيئة والتنمية المستدامة، فإن المحطة الحرارية، التي تضم وحدات حرارية وغازية بقدرة 175 ميغاواط، يتم تشغيلها حاليا فقط في حالات نادرة وبطريقة جزئية ولفترة زمنية محدودة لدعم الشبكة الكهربائية خلال ظروف استثنائية في حالة الطوارئ عند صيانة أو توقف المحطات الأساسية.
الغبار خطر على الصحة
وزاد الخبير البيئي، أن الغبار يساهم في خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية، وكذلك سرطان الرئة، وعادة ما تكون أخطر الآثار بين الفئات الأكثر ضعفا، مثل الأطفال وكبار السن ومرضى الربو.
وأما الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، أوضحت في بلاغ اطلع موقع "سكاي نيوز عربية" على نسخة منه، أن "المعاينات المجردة تؤكد أن محطات توليد الكهرباء الحرارية وأيضًا المخلفات الصناعية التي تنتجها المنطقة الصناعية هي المسؤولة المباشرة عن ذلك الغبار الأسود".
اللجوء إلى القض
كما أدانت الرابطة لمخرجات التقرير الصادر عن المدير العام للمختبر الوطني للدراسات ورصد التلوث، والتي تقول تتناقض وما "لمسته الرابطة ورصدته بشكل مباشر بتواجد الغبار الأسود طيلة السنة واختفاءه لفترات محدودة ووجود حالات كثيرة تضررت صحيا بشكل واضح".
وأفاد إدريس السدراوي، رئيس الرابطة، في اتصال مع "موقع سكاي نيوز عربية"، عن اعتزام الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان اللجوء إلى القضاء عبر توجيه شكاية عاجلة إلى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة بهذا الخصوص".
ومن جانب آخر، أطلقت جمعية أوكسجين للبيئة والصحة عريضة على موقع "صوت غرينبيس"، تم توقيعها من طرف من 4000 شخصا، وذلك من أجل تنبيه مدبري الشأن العام بتراب القنيطرة إلى خطورة الظاهرة على الجانب الصحي والبيئي.
ودعت العريضة الجهات المعنية باتخاذ إجراءات مستعجلة لإيجاد حل لمعضلة الغبار الأسود.