منذ العام 2006، استقرت أسرة عبدالجليل القادمة من محافظة تعز، في العاصمة صنعاء. وبعد أكثر من عقدين على الإقامة، اضطرت الأسرة مجبرةً لمغادرتها والعودة إلى مسقط الرأس بسبب الجبايات ولإنقاذ أبنائها من مخطط استدراجٍ تنفذه مليشيا الحوثي لتجنيد الأطفال والفتيان وتحويلهم وقودً للحرب.
 
لدى عبدالجليل، وهو موظف حكومي محروم من راتبه لسنوات، 3 أطفال كانوا يتلقون تعليمهم في مدرسة خاصة بمنطقة حزيز في ضواحي العاصمة، وكان والدهم يسدد نفقات تعليمهم من دعم أقاربه المغتربين ومُحصلة ما يجنيه من عمله في دكان صغير أنشأه بدعم من مقرّبيه للتغلب على ظروف الحياة القاسية؛ لكن العمل تراجع بسبب انكماش الحالة الشرائية الناتج عن الفقر، فانخفض مستوى المدخول الذي يجنيه من هذا العمل.
 
يقول عبدالجليل لـ"2 ديسمبر"، إن إدارة المدرسة أبلغته الأسبوع الماضي برفع رسوم التسجيل إلى 180 ألف ريال لكل طالب؛ لافتًا إلى أنه قيّد أبناءه العام الماضي برسوم لا تتعدى الـ120 ألف ريال، في وقت بررت إدارة المدرسة هذا الرفع بأنه جاء بناء على "توجيهات من وزارة التربية والتعليم" التابعة للمليشيا الحوثية، طبقًا لعبدالجليل.
 
وأكد أكثر من مصدر في المدارس الأهلية بصنعاء، وأولياء أمور لـ"2 ديسمبر"، بأن زيادةً فُرضت بنسبة ثلاثين بالمئة لتسجيل الطلاب في المدارس الخاصة، بينما يُفرض على طلاب المدارس الحكومية سداد ألف ريال شهريًا عن كل طالب- غير رسوم التسجيل- بالإضافة إلى 8 آلاف ريال إلزامية يتم دفعها عند تقييد الطلاب في كشوفات التسجيل تحت مسمى "مشاركة مجتمعية"؛ عوضًا عن الجبايات الأخرى التي تُفرض خلال المناسبات الخاصة بالجماعة.
 
مثل عبدالجليل كثيرون لجأوا إلى خيار السفر، ثمة أُسر كثيرة ضاق بها الحال مع انعدام فرص العمل ومصادرة الرواتب والتضييق في الحياة العامة وتعقيد تمكين الطلاب من التعلّم؛ إذ تفيد أمُّ برهان أن خمسة من جيرانها في منطقة مذبح غادروا الحي في غضون ثلاثة أشهر إلى مواطنهم في المناطق المحررة لمواصلة تعليم أبنائهم والبحث عن فرص عمل بعيدًا عن التضييق الحوثي.
 
وقالت أمُّ برهان لـ"2 ديسمبر" مشترطة عدم ذكر اسمها الحقيقي والاكتفاء بالكُنية؛ إن زوجها منع طفليه هذا العام من الانخراط في المدارس بعد أن بلغ مسمعه أن المدرسة التي يتعلمون فيها شيّعت مجموعة من طلابها قُتلوا في جبهات القتال مع الحوثيين، وتبيّن له أن المليشيا استدرجت كثيرين من المدرسة سرًا دون علم أهاليهم، ما دفعه إلى اتخاذ تدابيره قبل فوات الأوان.
 
في فبراير الماضي، اتهمت الحكومة الشرعية مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، بتجنيد 30 ألف طفل والزج بهم في خطوط المواجهات؛ إذ إنه في الغالب يتم استقطاب هؤلاء الأطفال من المدارس أو عبر المخيمات الصيفية، حيث يتعرضون لعمليات غسل أدمغة قبل أن يتم تدريبهم على استخدام السلاح ثم إرسالهم لملاقاة حتوفهم في جبهات القتال.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية