تقرير| موسم نضوب العسل.. نحَّالون يتخلون عن مهنتهم نتيجة ألغام الحوثيين
عُد العسلُ اليمني بمختلف أصنافه ومسمياته من أجود أنواع العسل في العالم، إلى درجة أن البعض أطلق عليه اسم "الذهب السائل"؛ نظرًا لمذاقه الفريد وجودته العالية، وكذا فوائده الصحية الغنية، لكن منتجي العسل في اليمن واجهوا مخاطر كبيرة في الفترة الأخيرة؛ بسبب الألغام التي زرعها الحوثيون، ما دفع البعض منهم إلى ترك هذه المهنة تمامًا.
لقد أجبرت ألغام ميليشيا الحوثي وقذائفها العشوائية على المزارع ومناطق الإنتاج، الآلاف من مربي النحل على التخلي عن مهنتهم وممارسة مهن أخرى تتطلب حركة أقل، مما ألحق بهذه الصناعة التي كان يعمل فيها نحو 100 ألف من صغار مربي النحل خسائر فادحة.
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في تحدثها الأخير "اليمن: إنتاج عسل الأسلاف في اليمن معرض للخطر"، إن العشرات من مربي النحل قُتلوا أثناء محاولتهم عبور الخطوط الأمامية أثناء رعي نحلهم أو محاولة بيع منتجاتهم، إذ أدى تقطيع المليشيا الحوثية أوصال المدن وإغلاق الطرق إلى توقف رحلات البحث عن المراعي الخصبة خلال فصول السنة.
وأضافت، تسببت موجات النزوح المتتالية هرباً من العنف، وتأثير التلوث بالسلاح على مناطق الإنتاج، مما دفع الآلاف من مربي النحل إلى عدم اليقين، وقلل بشكل كبير من الإنتاج.
ووفقاً لأرقام الأمم المتحدة، فإن الأسر التي تربي خلايا النحل تعتمد عليها كمصدر وحيد للدخل، بينما أصبحت اليوم ألغام ميليشيا الحوثي تهدد مهنة إنتاج العسل التي يمتد عمرها 3000 عام.
كانت تربية النحل تشكل جزءًا لا غنى عنه من الحياة الاقتصادية في اليمن، إذ يُنتج سنوياً حوالى 1580 طناً من العسل، يتم تصدير 840 طناً منها للخارج، ونظراً لتفرده في المذاق والفوائد الصحية قد يباع كيلو عسل السدر اليمني في الخارج بـ500 دولار؛ لكن اليوم بعد سنوات من انقلاب ميليشيا الحوثي وإشعالها الحرب ضد اليمنيين، يعاني الآلاف من مربي النحل للبقاء على قيد الحياة.
قال أمين، منتج العسل من محافظة تعز، المحاصرة من قِبل ميليشيا الحوثي منذ أكثر من سبع سنوات إن سلسلة الجبال على الساحل الغربي لليمن تعتبر مركزاً تاريخيًاً لإنتاج العسل، ولكن خلال السنوات الثماني الماضية حولتها ميليشيا الحوثي إلى ثكنات عسكرية.
وأضاف، سقط صاروخ على مستعمرة النحل الخاصة بي، منذ ذلك الحين ساء الوضع، ولم يعد العمل مربحاً، وأصبح النحل مضطرباً، وانتقلت الحياة من سيئ إلى أسوأ.
وتابع أمين، منتج العسل من تعز بالقول: "اضطر أطفالي إلى ترك المدرسة للعمل في قطاعات أخرى، لأن عملي لم يعد كافياً لتلبية احتياجات أسرتي".
يمثل وجود الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة تهديدًا خطيرًا لجميع اليمنيين، حيث يوجد أكثر من مليون لغم أرضي وعبوة ناسفة زرعها الحوثيون منتشرة في جميع أنحاء البلاد، مما يؤدي إلى مقتل وتشويه المدنيين بشكل يومي.
من جانبه يقول يوسف، وهو مربي نحل من محافظة حجة "أجبرت على البقاء في منطقتي مما أجبرني أيضاً على الاعتماد على موسم إنتاج واحد فقط، وهذا لا يكفي لأتمكن من إعالة أطفالي".
وتواصل ميليشيا الحوثي دفع الأسر الضعيفة إلى حافة الهاوية، حيث قامت بتحويل المزارع والطرقات وأماكن سُبل العيش إلى حقول من الألغام، وتفرض الجبايات وتتاجر بالوقود في السوق السوداء مما رفع تكاليف الإنتاج الزراعي والنقل.
تشير التقرير إلى أن هناك ما يقرب من 50،000 شخص في حجة وعمران والجوف، يعيشون في ظروف تشبه المجاعة، وفقًا لتقارير برنامج الأغذية العالمي.
ويشهد اليمن بالفعل مستوى ينذر بالخطر من انعدام الأمن الغذائي، حيث يعاني أكثر من 16 مليون يمني من انعدام الأمن الغذائي.