"الدومينو" لعبة كبار السن في المخا
في مدخل المدينة القديمة بالمخا، يضع اللاعبون أحجار الدومينو على طاولة خشبية بطريقة يُسمع صدى طرقاتها إلى أمتار بعيدة، فيما يلتف اللاعبون الأربعة حول تلك الطاولة بتركيز كبير لمتابعة مسار اللعب.
من بين اللاعبين الأربعة كان محمد علي عسيلي، وهو موظف متقاعد، ينظر بثقة إلى شريكه المقابل له في اللعبة كما لو أنه ضامن الفوز، فالتحدي والتنافس مع الشركاء الآخرين ليس بذات السهولة التي نعتقدها لا سيما وأن كبار السن المخضرمين بهذا اللعبة، التي يرتادونها منذ عشرات السنوات، لديهم خبرة واسعة.
في سكون التفكير، والنظر وطرق الطاولة لنزول حجر الدومينو من كل لاعبي هذه الأحجار، يتوقع العسيلي آخر حجر، وكيف سيأتي بتفكير عميق لكشف أحجار الخصوم.
وتحتوي هذه اللعبة العديد من كبار السن أمثال العسيلي والزبيدي وعبداللطيف، إذ تعد "مقاهية السروري"، الواقعة خلف مبنى السينما، والتي تعود إلى الثمانينات، مكاناً لتجمع عشاق هذه اللعبة، وظلت حتى اليوم تحافظ على حضورها وإن كان روادها من وصلوا إلى خريف العمر..
والدومينو أحجار تُلعب بأربعة لاعبين، حيث يتقابل كل شخصين على الطاولة، فيما يلعب كل واحد منهما لأجل لعبة شريكه، كما يمهد الأحجار لتتناسب مع أحجاره ولها مسمياتها الخاصة بها.
يقول العسيلي، إنه لاعب أحجار منذ أيام شبابه الأولى، وإنه يجيد لعبها بتمعن وانسياب، كما يتميز بقدرة معرفة أحجار الخصوم، ودائماً ما يكسب اللعب.
يتذكر أيامه الأولى في اللعب عندما كان في مقهى "مطهر" على حافة الخط الواصل إلى الميناء، وكان حينها يلعبها في فترات فراغه من العمل عندما كان مشرف العمال بالميناء في شبابه، أو قبل أوقات دخول صالة السينما إلى أن يحين موعد افتتاح أبواب العرض، ومع إغلاق السينماء بدأ ذلك المكان بالتراجع مع انخفاض حركة السفن ما بعد 90 أي بعد الوحدة اليمنية.
ويبلغ العسيلي حالياً نحو 76 عاماً، ويتمتع بصحة جيدة، وحسن تفكير ويقول إن أحجار الدومينو تساعد العقل على التفكير، وكلما نشط العقل تحسن جسده، في مقاومة أمراض الشيخوخة والخرف.
ويرى أنها لعبة مميزة نظراً للتنافس الذي يظل قائماً بين اللاعبين حتى انتهاء اللعبة، مع ما يرافقها من ضجيج وضحك، لا سيما الضحكات التي تُطلق بعد كل فوز.
ويعتبر ذلك الرجل أن الدومينو كما لو كانت لعبة كبار السن، إذ عادة ما تشاهد الأشخاص في محطتهم الأخيرة يلعبونها بغرض الاستمتاع بأوقات فراغهم.
ورغم أن مالك المقهى يجني من استضافة اللاعبين مبلغاً زهيداً، إلا أنه يحافظ على افتتاحه أمام مرتاديه منذ أكثر من 50 عاماً.