رحلةٌ مدفوعةٌ بالشوق إلى الديار.. نازح يتذكر آلام فراق طفله وخسارة قدمه بانفجار لغم حوثي
حينما قرر هائل عبدالله، العودة مع أسرته إلى منزله بعد رحلة نزوح مضنية، أعتقد أنه عاد لحياته الطبيعية، وانطلق بسيارته بإتجاه وادي الرمة، وهو وادي خصيب يقع في سهل ساحلي بالمخا الواقعة غرب محافظة تعز.
يسرد عبدالله فصول المأساة التي يحمل ندوبها حتى اليوم، "كانت الظروف الصعبة التي عشناها طوال فترة النزوح دافعا أساسيا لنا بالعودة إلى منزلنا، إذ لم يكن لدينا سوى القليل من الدقيق الذي يكفي لأيام محددة، وكان الهدف من قرار العودة وضع حدا لتلك المعاناة".
يواصل ذلك الرجل البالغ من العمر نحو أربعين عاما حديثه لوكالة "2 ديسمبر"، كانت عودتنا محفوفة بالمخاطر، بعد أن حولت مليشيات الحوثي الطرق العامة والأودية في الساحل الغربي، إلى مصائد للموت.
يتذكر عبدالله شارحا اللحظات الأولى لوقوع الكارثة، كان ذلك تزامنا مع انطلاق عمليات التحرير الواسعة في الساحل الغربي وكانت المخا قد تنفست الصعداء من مليشيات الحوثي "سرنا في الطريق المؤدي إلى منزلنا الذي يقع ضمن محيط مزرعة فسيحة، وقبل الوصول إلى مدخل المزرعة وقع إطار السيارة على لغم حوثي دمر مقدمتها"
تسبب الانفجار في وفاة طفله الأصغر "عمر" الأكثر قربا إلى قلبه، فيما أصيب أبنائه الأربعة بجروح متفاوتة، أما هو فقد حطم الإنفجار عظام ساقه اليسرى، بل تسبب ببترها تماما.
يصف عبدالله اللحظات الأكثر إيلاما في حياته، "كنا كما لو أننا وقعنا داخل حقل ألغام حوثي، كان دخول المنقذين المحليين الينا صعبا، لكن في النهاية جرى نقلنا إلى المستشفى للعلاج بعدما تملكتهم الشجاعة ".
حينما استعاد وعيه داخل مستشفى المخا، اعتقد أنها النهاية بعدما أن علم بفقدان طفله "عمر" "شعرت وكأنني المسؤول عن وفاته، يقول عبدالله لـ لوكالة "2 ديسمبر" ومشاعر الحزن والندم بادية عليه، "عندما تفقد طفلك في حادثة أليمة فإنه من الصعب نسيان ذلك، إذ تظل تسيطر على تفاصيل حياتك، فيما الشعور بالذنب يكاد لا يفارق تفكيرك".
"كانت الرحلة مدفوعة بالشوق للديار التي عشنا فيها يواصل حديثه، قائلا، لكنها كانت عودة للحزن والألم، لقد تركت ندوبها الحزينة على حياتي، ومن الصعب نسيانها، أو تجاوز تفاصيلها المرعبة".
بات هائل حاليا يتقن المشي على عكازين، وصار يجول حول مزرعته التي يوجد فيها منزله؛ لكنه يتحسر على فقدان طفله ذو السنوات السبع، "لم يعد ألم فقدان قدمي هو من يسيطر على مشاعري، إنما خسارة أبني، لقد كان أحبهم إلى قلبي".