الجملة المحذوفة من رواية (مقتل صالح الصماد)!
لا يستطع أحد بعد ليل الاثنين 23 إبريل 2018، أن يشك بعدم صحة خبر مقتل رئيس ما يسمى المكتب السياسي للمليشيات صالح الصماد، ولا يستبعد أحد تعمد جناح محمد علي الحوثي داخل ميليشيات الحوثي تسريب معلومة تحرك الصماد بهدف تصفيته بعد تصاعد حدة الخلافات والتوتر بين الجانبين، على خلفية قضايا عديدة بدأت تتعقد بداية العام الحالي، بعد خلو الساحة في صنعاء من جميع الخصوم السياسيين للمليشيا الانقلابية.
كل شيء بات مطروحًا بل ومؤكدا بما فيه احتمالية تعرض الصماد للتصفية عبر تسريب معلومة تحركه من قبل جناح محمد علي الحوثي، فثمة استهداف متكرر تعرض له جناح صالح الصماد قبل مقتل الأخير، من قبل جناح محمد علي الحوثي عقب أحداث ديسمبر التي شهدتها العاصمة صنعاء، تمثلت بمحاولة اغتيال قيادات من جناحه، وطرد أخرى من مقرات أعمالها، وإعلان الحرب على نفوذه داخل الجماعة.
عملية الاستهداف ترافقت، مع عودة محمد علي الحوثي مجددا إلى المشهد السياسي بقوة مقابل السعي إلى تقليص ظهور الآخر في الساحة، ما يضع أسئلة كثيرة تؤكد احتمالية تعرض الصماد للتصفية المتعمدة من قبل جناح الحوثي.
واتفقت ثلاث مصادر واسعة الاطلاع، بوقوف جناح محمد علي الحوثي وراء عملية تصفية الصماد عبر تسريب معلومات تحركه، بعد تفاقم الخلافات بين الجناحين، على خلفية تهم فساد مالي متبادل، وتلاعب بالأوضاع المعيشية في صنعاء، بسبب أزمة الغاز المنزلي، التي يقف وراءها تجار موالون لمحمد علي الحوثي.
وبحسب المصادر، اتهم جناح الصماد، محمد علي الحوثي بافتعال أزمة الغاز المنزلي، لإثراء المتاجرين بالأسواق السوداء المرتبط بهم، وتعمده العمل على إضعاف الحكومة الانقلابية بهذه الممارسات، لضربه، داخل الجماعة، وإقناع الموالين للمليشيات بفشل الصماد والحكومة في الحد من أزمة الغاز المنزلي، بينما كانت اللجنة الثورية ناجحة في ضبط الأوضاع المعيشية أثناء إدارتها قبل تشكيل المجلس السياسي الانقلابي.
ويتكون جناح محمد علي الحوثي من نائب وزير الداخلية بحكومة بن حبتور الانقلابية، عبدالحكيم الخيواني (أبو الكرار) والقيادي الحوثي عبدالله الرزامي، ومهدي المشاط، ويمثل الجناح الإيراني داخل الجماعة، ويملك قوة ونفوذا كبيرا، فيما يتكون جناح الصماد من عبدالخالق الحوثي وقيادات من الصف الثاني في الجماعة.
وترجح المصادر، قرار تصفية الصماد بعد استحالة التوافق معه في إدارة المحافظات الخاضعة لسيطرة المليشيات، والعمل على تعيين مهدي المشاط بدلًا عنه، بما يعيد جناح محمد علي الحوثي إلى الواجهة.
خلافات أزمة الغاز المنزلي لم تكن الأولى بين الجناحين، فقد سبقتها خلافات بشأن العمل العسكري والأمني والتعيينات في المحافظات الخاضعة لسيطرة المليشيات، ودفعت هذه الخلافات جناح الحوثي إلى البداء باستهداف القيادات الموالية للصماد.
دُشنت أولى العمليات بمحاولة اغتيال قيادي حوثي من جناح الصماد في منطقة بيت بوس جنوبي العاصمة صنعاء قبل أسابيع وتكتمت عنها المليشيات.
وأفاد مصدر أمني، بانفجار عبوة ناسفة بسيارة حبة وربع تابعة للقيادي الحوثي ‘‘حسين دائل فارس’’ في منطقة بيت بوس، ولم يكن دائل الذي يعد من جناح الصماد متواجدًا في السيارة لحظة الانفجار، بالإضافة إلى عثور القوات الأمنية في ذات الليلة على سيارة مفخخة نوع توسان في المنطقة ذاتها.
وأكدت المصادر، وقوف جناح محمد علي الحوثي وراء عملية الاغتيال، مؤكدة كذلك، أن الاستهداف لم يستهدف دائل كشخص، إنما جناح الصماد وعبدالخالق الحوثي، فهذا الجناح يعارض سياسة ونهج الجناح الأول.
محاولة الاغتيال التي استهدفت جناح الصماد لم تكن الأخيرة، فقد تبعتها محاولة أخرى استهدفت جناح الصماد، حيث اقتحمت عناصر حوثية بتوجيه من محمد علي الحوثي دائرة التوجيه المعنوي في صنعاء، للبحث عن العميد يحيى المهدي الموالي للصماد، ومنعته من الدخول ومزاولة العمل في الدائرة.
وأفاد مصدر أمني آخر بصنعاء، أن اقتحام عناصر الحوثي ومنعها العميد المهدي من دخول دائرة التوجيه المعنوي كان في سياق الصراع الذي يدور بين جناحي الصماد والحوثي، على خلفية تهم فساد مالي متبادل.
يُزاد إلى كل ما سبق، معلومات تناولتها وسائل إعلامية باختفاء الصماد قبل أسابيع، على خلفية الخلافات المتصاعدة بين الجناحين، موضحة أن الحوثي اتهم الصماد بالفشل في إنجاح عملية التعبئة والحشد واستقطاب المجندين الجدد، والتهاون في إقامة الاحتفالات والمناسبات الطائفية للجماعة، واتخذ قرارا بالحد من الظهور الرسمي للصماد.
وأمام كل ما ذكر، لا يستبعد أحد وقوف الحوثي وراء تصفية الصماد، وحصل على هدفه بعد تصفيته بإعادة أحد أركان جناحه في الجماعة إلى رئاسة ما يسمى المجلس السياسي الأعلى "مهدي المشاط"، بالإضافة إلى نجاحه في السيطرة على تركة الصماد داخل الجماعة، والسؤال المطروح بعد مقتل الصماد، هل سيقتنع جناح الأخير بمقتله دون مشاركة الحوثي، ومن سيكون الهدف القادم لجناح الحوثي، بعد تصفية وتحييد الصالحيين، الصماد، وهبرة؟ ذلك ما ستجيبه المرحلة القادمة.