أصداء جريمتي سوق السمك (المحوات)، ومستشفى الثورة في مدينة الحديدة غربي اليمن اللتين حدثتا نهار الخميس الماضي، ما تزال تشغل الرأي العام داخلياً وخارجياً وتأخذ حيزاً كبيراً من وقته، كما أنها تشكل جُرحاً حياً وعميقاً في قلوب أهالي الضحايا واليمنيين المصدومين من هول الجريمة التي أكدت كل القرائن أن الحوثيين الإرهابيين يقفون وراءها، وأرادوها الحوثيون أن تأتي في توقيت مقصود فبانت جريمتهم على رؤوس الأشهاد، واتضحت الحقيقة في غضون ساعات ثم أكدت في يومين على الأكثر.

 

وارتكب الحوثيون جريمتهم قبل ساعة واحدة من جلسة الأمن الأخيرة، لخلط الأوراق ومحاولة تبديد حلم اليمنيين في استعادة مدينة الحديدة، وقلب الطاولة على التحالف العربي عبر حشد المنظمات الدولية إلى الهدف الذي خطط له الكهنوتيون ففشلوا فيه بعد أن أزهقوا دماً بريئا ليمنيين ما كان لهم باعٌ في هذه الحرب البتة.

 

دلائل موثقة بالصور الثابتة وتحليل الحادثة والمقاطع المصورة فضائياً، فصلت الجريمة هناك بما يستدعي من وقائع وقراءات زادها التحالف العربي إيضاحاً، حينما أعلن بكل شفافية ألا مسئولية له فيما حدث، وزاد على ذلك نشر صور بثتها قناة المسيرة التابعة للمليشيات الكهنوتية لبقايا قذائف هاون استخدمت في الهجوم على المدنيين، ووضع سياق تحليلي للهجمات وتفنيد للقذائف المستخدمة.

 

اللافت في الجريمة -التي حاولت وسائل إعلام لصقها بالتحالف العربي فور وقوعها، وضخامة دعاية الحرب الحوثية لتجسيرها ثم إلقاء المسئولية فيها على التحالف العربي- أنها تركت مجهولة بمصطلحات فضفاضة وردت في بيانات المنظمات الدولية، تلك التي علقت على الجريمة التي خلفت زهاء 52 شهيداً و134 جريحا بعضهم بحالة خطرة.

 

يقول مراقبون ومهتمون بالشأن اليمني، أن المنظمات الدولية تتبع نهج المنظمة الأم "الأمم المتحدة" في توصيف الجماعات الإرهابية وتوضيح مسئولياتها في الأحداث المؤلمة والجرائم المرتكبة بحق المدنيين الذين لا علاقة لهم بالحروب والصراعات، ووفق مغالطات كيدية سيقت البيانات دون أن يشار حتى في جزئية بسيطة إلى المليشيات المرتكبة للجريمة.

 

إحدى البيانات المتعلقة بالحادثة، كان بيان صادر عن منظمة الصليب الأحمر الدولي، المعنية بجوانب عادلة تتعلق بأطراف الصراع دائماً، وفق ما يقضي دستورها، إذ يصف بيانها ما حدث بأنه "انفجارات مجهولة" خلفت ضحايا مدنيين في بوابة مستشفى الثورة الذي يعد من أكبر المراكز الصحية التي تدعمها المنظمة وتوفر عبره خدمات طبية.

 

يدرك المتابع جلياً أن سباق المنظمات الدولية إزاء هذه الأحداث، ليس أكثر من سباق انتهازي ومسعى لابتزاز التحالف العربي، ولذا يعلم عن هذه المنظمات أنها تضخم الأحداث العرضية عندما يعلن التحالف العربي أن مسئوليته سيتحملها على أكمل وجه، أما عندما تكون مليشيات الإرهاب هي المسئولة عن جريمة ما كجريمتي الحديدة مؤخراً، فإن تلك المنظمات تغض بصرها وتجعل الجريمة سائبة لا مسئول عنها، في الوقت الذي تعي فيه أن الكهنوتيين هم المسئولون بالبرهان والأدلة.

 

مواقف اليمنيين من هذه التباينات المتعلقة بوظائف المنظمات الدولية تجاه جماعة الإرهاب الحوثية، تظل مواقف رافضة لأي تماهٍ مع هذه المليشيات، حتى تُفرج هذه المنظمات عن حقائق الأمور وتثبت جديتها وصرامة مواقفها وفقاً للأهداف التي بنيت عليها، وأن تكفَ عن الاستغفال وممارسة أساليب الابتزاز لدواعٍ لا أخلاقية.

 

شواهد جرائم الكهنوتيين الحوثيين في اليمن لا تحصى، وقد لا يمر يوم على متسع الوطن كله دون أن ترتكب هذه الجماعة جريمة على أقل تقدير، فاليمنيون في نظرها مخازن دماء تمتصها هي لتعيش عليها، ومع ذلك تصمت المنظمات الدولية إزاء هذا الجرم الأشنع، دون اعتبار للقيم الإنسانية وقوانين حقوق الإنسان.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية