"لغز بابل".. مجزرة مروعة فاعلها مجهول وروايات متضاربة
وبدأت القصة عندما أعلنت القوات الأمنية العراقية، مساء الخميس، أن مطلوبا بتهمة الإرهاب، ارتكب مجزرة بعائلته، بعد محاصرته، من قبل قوة أمنية، حيث أقدم على قتلهم جميعا، والانتحار لاحقا، بعد اشتباك دام ساعتين، وفق الرواية الرسمية.
غير أن ملابسات الحادث بدأت بالتكشف للرأي العام، بعد وصول وسائل الإعلام إلى موقع الجريمة، والتحدث إلى ذوي الضحايا، الذين قالوا إن هناك خلافات عائلية بين رب الأسرة، وأحد أقربائه الذي يعمل ضابطا في وزارة الداخلية، وهو من وجّه التهمة إليه، وأرسل قوة أمنية من العاصمة بغداد، لاعتقاله.
لا تهمة بالارهاب
بدوره، قال حسن منديل، محافظ بابل في حديث مقتضب: إن "صاحب الدار كان متعاونا مع الأجهزة الأمنية (في السابق)، لكن البعض غرّر به، وقاده إلى الاصطدام بها، وهناك أمور أخرى لا يمكن ذكرها حرصا على سير التحقيق".
وأضاف، أن "المتهم لا يوجد عليه أي مطلوبية، ولكن كان هناك أمر قبض وفق المادة 406، صادر من محاكم بغداد، حيث حاولت قوات الشرطة تنفيذه في المحافظة، ولكن لا توجد أي مؤشرات (أمنية) حول هذا الشخص من قبلنا".
وأضاف المحافظ أن "الضابط الذي جاء بأمر القبض هو من اشتبك مع المتهم، وطلب إسناد قوات السوات والقوات الأمنية الأخرى، وذلك بعد تبادل لإطلاق النار، حيث تفاجأت القوات الأمنية بعد اقتحامها بوجود ضحايا في موقع الحدث".
وشوهد منزل الضحايا، وقد تعرض إلى إطلاق نار كثيف من الخارج، فيما تهدم أحد أضلاعه، وسط شكوك بمقتل تلك العائلة على يد القوات الأمنية، لكن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وجه بفتح تحقيق الحادثة، لمعرفة التفاصيل، كما أرسل وفدا أمنيا برئاسة وزير الداخلية عثمان الغانمي، للتتبع سير التحقيقات.
وبحسب الخبير الأمني حميد العبيدي، فإن "الصور تظهر تعرض المنزل إلى رشقات بسلاح متوسط، من الخارج، ما يعني أن القوات الأمنية التي حاصرت المنزل، كانت ترمي بكثافة كبيرة، لكن على رغم ذلك، تبرز عدة تساؤلات، عن كيفية مقتل هؤلاء جميعهم، وعددهم 20 فردا، دون إمكانية أن ينجو منهم أحد، من خلال الاختباء في الأماكن البعيدة عن الرمي، أو تلك التي لم يصبها الرصاص من الخارج".
ويضيف العبيدي في تصريح لـسكاي نيوز عربية أن "فرضية مقتل هؤلاء على يد القوات الأمنية، لا تصمد كثيرا، ويجب أن يجري تحقيق عادل وشفّاف، في الأمر، مع احتمالية أن يكون مقتل هؤلاء حصل من الداخل، وهي فرضية، تطبيقها صعب، بسبب وجود شباب ورجال ضمن الضحايا، وهؤلاء يمكنهم الدفاع عن أنفسهم، لجهة كثرة عددهم".
ولفت إلى أن "ما حصل يمثل لغزا كبيرا، وربما الأجهزة الأمنية العراقية غير قادرة بالفعل على حلّه، وما زلنا ننتظر نتائج التحقيقات".
غضب شعبي
ووفق شقيقة، المطلوب الذي قُتل أو انتحر، فإن القوات المهاجمة قصفت منزل أخيها وعائلته بالصواريخ والقذائف، "وهو فلاح بسيط ليس له علاقة بالمخدرات والإرهاب".
والحادثة التي أثارت الرعب في العراق، لم تتضح بعد تفاصيل موثوقة بشأنها، لكنها أثارت ضجة واسعة، على مواقع التواصل الاجتماعي، وفتحت ملف تعاطي القوات الرسمية مع المطلوبين، أو المعتقلين، وطبيعة البروتوكول المعمول به في البلاغات، وسهولة اتهام الأشخاص بتهم كيدية، عبر "المخبر السري".
وطالبت الأوساط الشعبية والسياسية، بضرورة استقالة قائد شرطة محافظة بابل، والضابط المسؤول عن المفرزة، وإطلاع الرأي العام على مجريات التحقيق، حفاظاً على سمعة القوات الأمنية.
وقال الباحث في الشأن السياسي، الفضل أحمد، إنه "لا يمكن أن يتم السماح بإفلات من يتورط بعمليات قتل أو تعذيب، وهؤلاء يجب أن يحاسبوا بأقسى العقوبات العسكريّة، والمؤسسات الأمنية يجب أن تصفى من أمثال هؤلاء الوحوش".
وأضاف أحمد في تصريح لـسكاي نيوز عربية أن "احترام قوّات الأمن هو بمدى احترام هذه القوات للشعب، ولا ثقة بأي مؤسسة تغطّي على القتلة وتتستّر على الجرائم مهما كانت".