عام عاصف على الرئيس التركي أردوغان.. بايدن والقمع والليرة
لم يكن عام 2021 الجاري والذي قارب على نهايته سهلاً بالنسبة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي استقبله بحدثين كبيرين، كان الأول وصول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى البيت الأبيض في 20 يناير، الذي وصف أردوغان بـ"الديكتاتور" قبل فوزه بالرئاسة وامتنع لاحقاً لعدّة أشهر عن التواصل المباشر بالرئيس التركي.
وفي الفترة نفسها، أي في شهر يناير من العام الحالي، خرجت تظاهراتٍ طلابية في جامعة البوسفور التي تعرف أيضاً بـ"بوغازيتشي"، احتجاجاً على تعيين مليح بولو المقرّب من أردوغان رئيساً للجامعة التي تعد واحدة من أعرق الجامعات التركية. وقد استمرت تلك الاحتجاجات لأشهر وأُرغِم الرئيس التركي على إثرها على إقالة بولو وتعيين نائبه ناجي إنجي رئيساً للجامعة بدلاً منه.
ومع ذلك تواصلت الاحتجاجات الطلابية، حيث طالب المشاركون فيها بالتخلي عن تعيين رؤساء الجامعات بموجب مراسيم من الرئيس التركي، والعودة إلى تعيينهم بالانتخابات كما كان يحصل قبل المحاولة الانقلابية الفاشلة على حكم الرئيس أردوغان، والتي حصلت في منتصف شهر يوليو من العام 2016. لكن هذا الأمر لم يتم وعلى إثرها تتواصل المطالبات والاعتصامات الطلابية في الساحات بين الحين والآخر.
وإلى جانب هذا التحدّي الداخلي، واجهت تركيا ورئيسها الكثير من المواجهات الخارجية الكبرى، كاعتراف الرئيس الأميركي بايدن في 24 ابريل من العام الجاري، بمجازر "السلطنة العثمانية" بحق الأرمن، كإبادة "جماعية" وهو وصف ترفضه أنقرة كلياً. وحتى ذلك الحين لم يكن بايدن قد اتصل بنظيره التركي. وقد فعل ذلك أخيراً كي يخبره بنيته الاعتراف بالمذابح الأرمنية.
وبالتزامن مع ذلك، كانت الليرة التركية تفقد المزيد من قيمتها يومياً، فخلال العام الجاري خسرت نحو 50% منها، قبل أن تسجّل تدهوّراً كبيراً قبل أيام عندما تجاوزت حاجز الـ 18 أمام الدولار الأميركي الواحد ومن ثم سجّلت تعافياً بطيئاً. ونتيجة أزمة العملة هذه، أقال الرئيس التركي محافظ البنك المركزي ناجي إقبال في مارس الماضي، وعيّن مكانه شهاوب كوجي وهو يمارس مهامه منذ ذلك الحين.
ومنذ مارس الماضي ولغاية مطلع ديسمبر الحالي، يتخبط أردوغان لحلّ أزماته الاقتصادية والمالية، فأقال عدداً من المسؤولين الماليين على خلفية أزمة العملة وعيّن آخرين عوضاً عنهم، ففي مطلع الشهر الجاري أقال وزير الخزانة والمالية لطفي علون من منصبه وعيّن نورالدين النبطي خلفاً له. ومع ذلك لم يشهد سعر صرف الليرة التركية أي استقرارٍ يُذكر.
وبموازاة ذلك، حاولت أنقرة خلال العام الجاري، إعادة علاقاتها الدبلوماسية المتوترة منذ سنوات مع عددٍ من الدول العربية، لكن المفاوضات بينها وبين القاهرة على سبيل المثال لم ينجم عنها أي تطوّرات.
وعلى الجانب الآخر، كانت علاقاتها الدبلوماسية على وشك أن تقطع مع الولايات المتحدة الأميركية وكندا وعددٍ من الدول الأوروبية، عندما دعا الرئيس التركي في أواخر أكتوبر الماضي إلى طرد سفراء هذه الدول بعد مطالبتهم بالإفراج عن عثمان كافالا، رجل الأعمال المعروف بأنشطته الخيرية والمسجون منذ أكثر من 4 سنوات دون إدانة.
ونتيجة رفض القضاء التركي المستمر الإفراج عن كافالا وصلاح الدين دمّيرتاش الرئيس المشارك الأسبق لحزب "الشعوب الديمقراطي" المؤيد للأكراد والمسجون منذ أكثر من 5 سنوات، حذّر مجلس أوروبا الذي يشرف على عمل "المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان" التي تطالب بإطلاق سراح كلا المعارضين، من تعليق عضوية أنقرة في المجلس أو منعها من حق التصويت إذا ما امتنعت عن إطلاق سراح كافالا ودمّيرتاش مجدداً خلال مهلة تمتد لستة أسابيع وبدأت منذ الثاني من ديسمبر الجاري.