تنامي الصراع الحوثي يبلغ مركز القيادة ..حصاد السوق السوداء ومصرع الصماد
برز إلى السطح مؤخرا تنامي صراع بيني داخل جماعة الحوثيين وسلطة حكمهم في المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة ميليشياتهم القمعية.
الأزمة الأخيرة التي افتعلها الحوثيون برفع جديد لأسعار الوقود والغاز المنزلي بأضعاف من جرع سعرية وجبايات متلاحقة ضمن استراتيجية تجويع الشعب اليمني لإنهاكه وإخضاعه، لم تكن إلا إحدى حلقات هذا الصراع وعلى نحو كشف عن بلوغه مرحلة متقدمة في إطار حرب غير معلنة بين طرفي نفوذ صدرهما مركز القيادة في صعدة شمالي اليمن.
على مدى 3 أعوام من سيطرة ميلشيا الحوثي الموالية لإيران على العاصمة اليمنية صنعاء وعديد من المحافظات بعد إسقاطها الدولة بقوة السلاح وضرب القوى السياسية وفرض حرب دامية جلبت الدمار والخراب على اليمن ، تمكنت من تحويل الحرب إلى مشروع استثماري لخدمة بناء دولتها الخاصة على حساب ملايين اليمنيين بعد أن جردتهم من أبسط حقوق الإنسان وتخلت عن مسئولياتها تجاههم.
أدار الحوثيون ملف الحرب بركيزة استنزاف بشري وقوده أبناء القبائل وصغار السن والمغرر بهم عبر الزج بهم في معارك ومحارق في وقت سعوا فيه لابتلاع بقايا الدولة وتوظيفها خدمة لمليشياتهم العقائدية المتطرفة ومشروع خرافة الولاية لسيدهم في صعده.
وفي الوقت ذاته كون الحوثيون بانتهازية قائمة على فرض مزيد ومزيد من الجبايات والضرائب والأسعار والإتاوات وتجويع الشعب المنهك من الحرب إمبراطورية مالية محصنة بلوبيات مصالح وشبكات فساد منظمة لم يسبق لها مثيل في تاريخ اليمن.
أدى تنامي المليارات خلال 3 أعوم من الحرب لدى مليشيات الحوثي إلى تنامي الصراع البيني بين شبكة سوق سوداء مرتبطة بمحمد على الحوثي رئيس ما تسمى اللجنة الثورية المعني بتجنيد المليشيات العنصرية ولاء لابن عمه زعيم الجماعة في صعدة وبين شبكة مصالح رسمية يديرها صالح الصماد رئيس ما يسمى المجلس السياسي في صنعاء في مهمة وراثة دور صعدة قيادةً، والذي اعلن ،اليوم الاثنين 23 ابريل 2018، عن مصرعه وفق ما اقره الحوثيون رسميا وقالوا انه قتل في غارة جوية للتحالف الخميس الماضي بالحديدة.
وكان تقرير فريق خبراء الأمم المتحدة الصادر حديثاً بشأن اليمن، تطرق إلى تكوين الحوثيين إمبراطورية مالية خاصة بالجماعة في صنعاء والمناطق التي يسيطرون عليها خلال 3 أعوام من الحرب في وقت تخلوا عن أبسط مسئولياته تجاه ملايين اليمنيين تحت سلطات حكمهم.
وذكر أن "الحوثيين وضعوا استراتيجية للسيطرة على واردات النفط، وذلك من خلال منح حق الاستيراد لأشخاص وشركات تابعة للجماعة، في الوقت الذي ظهر تجار حروب جدد مستفيدين من هذه الحرب".
وأشار التقرير إلى أنه في الوقت الذي يموت فيه اليمنيون جوعا وانقطع صرف رواتب موظفي الدولة فإن جماعة الحوثي عززت خلال 3 أعوام من سيطرتها على الإيرادات المتعلقة بالضرائب وتضاعف الرسوم على الجمارك بنسبة تتجاوز 100% في منافذ جمركية مستحدثة، كما تتوغل أكثر في السيطرة على قطاع الاتصالات والإنترنت، وهو قطاع يشكل المصدر الرئيس لإيرادات الحوثيين في صنعاء، ناهيك عن شركات التبغ وعقارات الدولة والبسط على الأوقاف التي تمثل أحد أهم روافد الاقتصاد الوطني في اليمن.
ولأن كان طرفا الصراع البيني داخل الجماعة الحوثية وسلطة حكمها الانقلابي والذي طفا إلى السطح مؤخرا قادمان من محافظة صعدة شمالي اليمن ، تبرز دفعهما الاسر الهاشمية إلى دائرة استقطابيهما في المحافظات الخاضعة لسيطرة الميلشيات بما يشير إلى واقع من نار تحت الرماد هم حطب اشتعالها وهم من سيدفع الثمن من نقمة الشعب اليمني.
في محصلة تقرير لجنة التحقيق الأممية بشأن انتهاكات الحرب في اليمن الصادر مطلع هذا العام، لم يغفل الإشارة إلى هذا الصراع الحوثي-الحوثي الذي كوّن معطياته من واقع ووقائع خلُص لنتيجة مفادها أن صراع تجار الحرب الجدد من الجماعة الحوثية آخذة في التزايد غير أن الغلبة في الوقت الراهن ستكون لطرف السوق السوداء على طرف المعاملات الرسمية لكن الصدام المؤجل سيكون أكثر سوداوية.
وبالفعل وكما كانت توقعات الخبراء الدوليين أظهرت تطورات الاحداث انتصار السوق السوداء المتمثلة بمحمد علي الحوثي وعبدالكريم الحوثي ومحمد عبدالسلام على تيار شبكة المصالح الرسمية بقيادة صالح الصماد حيث اعلن رسميا من قبل الحوثيين ،اليوم الاثنين 23 ابريل 2018 ،عن مصرع الاخير بغارة جوية لطيران التحالف في الحديدة غربي اليمن الخميس الماضي ، فيما كان اعلامهم يتحدث طيلة الايام الماضية عن اخبار نشاطات وزيارات ميدانية للصماد ، ما يشير إلى غموض حول مقتله او تصفيته في اطار هذا الصراع المتفجر داخل الجماعة.
هذا وقد أعلنت جماعة الحوثي تنصيب مهدي المشاط رئيساً للمجلس السياسي الأعلى الحاكم في صنعاء خلفا لصالح الصماد المعلن مصرعه اليوم الاثنين.
ومهدي المشاط هو مدير مكتب زعيم الحوثيين ويمثل حلقة الوصل بين الاخير وبين خلية إيرانية من الخبراء العسكريين والمستشارين السياسيين متواجدة في العاصمة صنعاء وصعدة.