جنون الإيجارات في مناطق سيطرة الحوثيين.. مساكن بعيدة المنال
منذ خمسة أشهر أضطر الشاب سالم معوضه لتأجيل موعد زفافه من شهر لآخر، لعدم حصوله على شقة سكنية تناسب إمكاناته المادية ليستأجرها، بسبب الأسعار الجنونية التي صار عليها الوضع خلال الفترة الأخيرة عندما تضاعفت إيجارات الشقق السكنية بما لا يتلاءم مع القدرة المادية للأسر.
منذ منتصف مارس الماضي أنهى سالم وأقرباؤه الاستعدادات لإتمام عرسه، ووفر ما استطاع من قطع أثاث المنزل الأساسية وبعد أن توجه بأثاثه إلى الشقة التي وعد بها من قبل مالكها بعد أن انتظر تشطيبها لقرابة العام، تفاجأ سالم بأن مالك الشقة قد أجرها لشخص آخر، دفع له مبلغا أكبر.
إلى اليوم ومن حينذاك وسالم يعيش خيبة أمل ويتخبط في أنحاء صنعاء آملًا الحصول على شقة للإيجار ليتمكن من الاستقرار. يقول سالم إن أسعار شقق الإيجار أصبحت خيالية، حيث أصبح الحصول على غرفتين وحمام ومطبخ يصل إلى ١٥٠ ألف ريال شهريا بدون رسوم الماء والكهرباء.
وأشار إلى أنه يعيش منذ ما يقارب السبع سنوات دون رواتب بعد أن سيطرت المليشيا لحوثية على العاصمة صنعاء، وسلبت رواتب عشرات الآلاف من الموظفين الحكوميين بمن فيهم سالم الذي كان يشتغل في قسم فني بوزارة التربية والتعليم.
وأدى ارتفاع أسعار الشقق وغلاء المعيشة وانقطاع الخدمات الأساسية كالكهرباء والماء إلى مضاعفة معاناة اليمنيين في مناطق سيطرة المليشيا التابعة لإيران، وأصبحوا في سباق مع الزمن لتوفير أبسط مقومات الحياة الكريمة للإنسان كالسكن والماء والكهرباء والصحة والتعليم.
يقول أحمد مبارك بأنه يملك عمارة مكونة من شقتين للإيجار، وأنه لا يريد أن يرفع أسعار شققه ولكن المليشيا الحوثية تجبره بدفع مبالغ مالية كبيرة كل شهر بمسمى إما دعم المجهود الحربي أو احتفالاتها الطائفية وإما بدعم أسر قتلاها وكل شهر تعمل على جباية المال بمسمى جديد، كان آخرها تحت مبرر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.
ويضيف أحمد، "أنا مواطن كأي مواطن يمني ولا أحب أن أكون جشعًا وأزيد معاناة إخوتي اليمنيين، ولكني أيضا بعد انقطاع راتبي لم يعد لدي أي مصدر دخل سوى هاتين الشقتين خاصة أن أسرتي كبيرة وفي ظل غلاء المعيشة التي نعاني منها والجبايات الحوثية بالكاد أستطيع توفير المتطلبات الأساسية".
وقالت مصادر على اطلاع واسع، إن المليشيا الحوثية هي المتحكمة في الارتفاع الجنوني لإيجارات العقارات والشقق، من خلال سيطرتها أولاً على السوق العقارية حيث لا يمكن لأي مستأجر جديد الحصول على شقة إلا عبر عقال الحارات والمشرفين التابعين للمليشيا.
وأدى نقل المليشيا عددًا كبيرًا من عناصرها وقياداتها من صعدة ومناطق أخرى لاستئجار أحياء سكنية بكاملها في العاصمة صنعاء إلى زيادة في الطلب وارتفاع في الإيجارات، فضلاً عن أن الجماعة باتت مؤخراً تملك أغلب الفلل والأحياء السكنية بصنعاء التي تؤجرها بمبالغ خيالية، إضافة لمنازل معارضين تحتلها بقوة السلاح، وحولت غالبيتها إلى أداة للاستثمار.
وتوقعت مصادر على علاقة بالشأن العقاري ازدياد مشكلة إيجار المساكن، الشهور القادمة، نتيجة إقرار المليشيا الحوثية لتعديل على قانون المؤجر والمستأجر عبر برلمانها غير المعترف به في صنعاء، أطلق يد المؤجرين في رفع الإيجارات أو طرد المستأجرين بجانب عدم قبول ضمانات الجهات الحكومية، خلافا لما كان ساريا في القانون الأصلي الشرعي الذي اعتمد مواد تراعي المستأجرين خلال الظروف الاستثنائية.