قفاز المسيرة الحوثية .. ومساحيق الوجه القبيح
استخدمت الحركة الحوثية خلال مسيرتها قفازا سميكا من الشخصيات السياسية والإعلامية والاجتماعية وحتى الدينية اتكأت عليهم لإظهار وجه آخر غير الذي تخفيه عن الداخل والخارج واستطاعت أن ترسم صورة مقبولة لها وتصل إلى جني الثمرة بهذا القفاز ومن ثم رميه على قارعة الطريق .
ارتبطت أو استقطبت المليشيات الحوثية سياسيين من تيارات يسارية ووسطيه جعلتهم يتحدثون باسمها ويقدمون خطابا حداثيا منفتحا وأكثر عصرية من المكونات السياسية الموجودة في البلاد في التعاطي مع قضايا وملفات عديدة .
وكذلك كانت لها تشكيلات من الإعلاميين والنشطاء من مختلف المحافظات ذهبت بهم إلى طهران وجنوب لبنان ودمشق وصعدة ومنحتهم ثقتها ومساحة للتحدث باسمها والدفاع عنها حتى تحولت الحوثية إلى ماركة جديدة تغزو سوق السياسة بهالة قبول غير مسبوقة خصوصا وأن المشهد العام في اليمن كان قبل موجات الربيع العربي مغلقا على خيارات شحيحة للإصلاحات السياسية تمحورت حول النظام الانتخابي كممر رئيسي لهذه الإصلاحات .
ووصل الإعجاب والتعاطف بالحوثية إلى قواعد الأحزاب الكبيرة في البلاد وكان ينظر للحركة كمنتج جديد يمتلك قدرا من النزاهة كونه أتى من خارج السلطة وتحالفاتها والمعارضة وارتباطاتها.
أخفت الحوثية عنصريتها وانغلاقها على خلايا محددة تجمعها وأظهرت وجها آخر ساهم في صناعته محمد المتوكل وأحمد سيف حاشد وسلطان السامعي ومحمد المقالح وقيادات عديدة في الحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري وانضم إليهم علي البخيتي وصلاح الدكاك وعبد السلام جابر ومجموعة كبيرة من أصحاب الرأي والنشطاء ورجالات الدين من الصوفية والزيدية وحتى السلفية .
وإلى جانب هؤلاء كان لقيادات قبلية ودينية محسوبة على الزيدية دور محوري في تطبيع المشهد لصالح صعود الحركة الحوثية التي وجدت في موجة الربيع العربي وجو خيام الساحات منفذا لها إلى قلب العاصمة ومن ثم إلى قلب اليمن .
استفادت الحوثية كما لم يفعل أي مكون أو تنظيم سياسي أو ديني استفادت من خدمات كبيرة وأحيانا مجانية قدمت لها من أطراف عديدة من باب النكاية بالخصوم او لإضعاف المنافسين فحين كان الحوثيون يجتاحون صعدة بالكامل ويسقطون سلطة الدولة عليها بجناحهم العسكري كان أنصارهم في ساحة الجامعة مبتهجين بحديث أبرز قيادات الإصلاح حميد الأحمر عن نجاحات الثوار في صعدة ولم يتراجع شقيقه صادق الأحمر شيخ كبرى قبائل اليمن حاشد عن هذا الطرح حتى وهو يشاهد الحوثيين يعلنون حربا على الإصلاح للسيطرة على محافظة الجوف بعد انهيار لواء الاسرائيلي واقتسام عتاده بين الطرفين .
كان حسين الأحمر وسيطا قدم خدمات كبيرة للحوثيين غير أن منزله في عمران كان أول بناء تفجره المليشيات بعد أن تنكرت لكل ما قدم وأعقب ذلك حملة إذلال ممنهجة ضد إخوانه وأقاربه ومن يرتبطون بصلات متينة معه .
ولم يكن هناك أفضل من علي البخيتي الذي قدم الحوثية في مؤتمر الحوار الوطني بصورة لم تكن تحلم بها المليشيات ناطقا باسمها ومدافعا شرسا عن خياراتها غير أنه بعد كل ما قدم تحول إلى هدف لعصابة نسوية حوثية أطعمته وجبة عنف دسمة بأواني الطبخ وعصي المخابز المنزلية حين ذهب ليشارك في احتجاج على اعتقال سياسيين أمام مبنى الأمن السياسي .
قدم محمود الجنيد كممثل للحوثية في تعز عددا كبيرا من أسرته وأبناء عمه وأقاربه وقريته قتلى في محارق الموت دفاعا عن الحوثية غير أن ماكينة العنصرية والفيد الحوثية دهسته ورمته من نافذة القصر الجمهوري بعد أن كان مديرا لمكتب الرئاسة وذلك فقط لأنه أراد أن يكون له نصيب مما يسرقون.
أنهك أحمد سيف حاشد نفسه في سبيل نصرة قضايا تخص الحوثية وسانده الدكتور والقاضي قطران والمقالح محمد وآخرون غير أنهم تُركوا على الرف حين تمكنت الحركة من الانقضاض على الدولة ومقدراتها وحين خرج حاشد وقطران لقيادة تحرك سلمي يطالب بحق الحصول على الخبز تعرضوا لهمجية الحوثية وشتى أنواع الاعتداءات في ميدان عام .
ترك حسن زيد بن يحيى الجنوب وخاصم كل أطيافه ووقف إلى صف الحوثيين وحين تم تشكيل الحكومة بصنعاء حصل على عظمة جرداء منصب نائب وزير الشباب والرياضة خلف حسن زيد ومثله ناصر باقزقوز ترك حضرموت خلفه وانضم لخيارات الحوثية وكانت هديته وزارة السياحة ..أي سياحة في بلد تطحن الحرب جباله والقفار؟!
وداوم السامعي سلطان ابن الحالمة الذي كان صيته يجاور الكبار في مترس الحوثية مخلصا مناهضا للخصوم وتاركا إرث حزبه العريق الضارب جذوره في أعماق سامع والحجرية وتعز بشكل عام ليظفر بعضوية مجلس الصماد السياسي ولم يتمكن من الحصول على أمر إفراج عن أحد أبناء قريته من قيادات الجناح الأمني والكرار الخيواني .
هذه مجرد أمثله ونماذج لتنكر الحوثيين لمن أخلص لهم ووقف إلى جانبهم والأيام حبلى بالكثير من حملات تنكر الحوثية لمن ساندها وشد أزرها في أوقات عصيبة حين كان عودها طريا ووجهها يحتاج للكثير من المساحيق لتلميعه.