قرابة الساعة التاسعة والنصف انطلقت بنا السيارة من مدينة الخوخة في اتجاه التحيتا للتعرف عن كثب على كيفية الحياة في تلك المنطقة بعد أن تخلصت من صلف مليشيا الحوثي الإرهابية.

 

كل ما شاهدناه في طريقنا كان يوضح بأن الحياة قد عادت إلى طبيعتها ويلاحظ ذلك من خلال حركة السيارات في الطرقات الرئيسة وعودة المزارعين لممارسة أعمالهم في مزارعهم.

 

في الطريق من الخوخة إلى التحيتا شاهدنا الكثير من الحفر في أطراف الطريق الرئيسي، وعندما سألنا أحد الزملاء المرافقين لنا عن سبب وجود هذه الحفر في الطرقات الرئيسية على الرغم أنها معبدة وحديثة أوضح لنا: بأنها لألغام انتزعتها الفرق الهندسية التابعة للمقاومة المشتركة بعد أن كانت المليشيات قد زرعتها في أطراف هذه الطرقات لإعاقة تقدم قوات المقاومة.

 

مشيراً أن عملية نزع الألغام من المناطق المحررة لتأمين حياة المدنيين أسهمت بشكل كبير في عودة المواطنين إلى قراهم ومزارعهم التي حولتها مليشيا الحوثي إلى حقول ألغام.

 

عودة الحياة إلى طبيعتها

على الجانب الأيمن من الطريق الواصل من الخوخة إلى مبتغانا في التحيتا كانت هناك قرى متناثرة والناس يمارسون حياتهم اليومية بشكل طبيعي بعد أن كانوا قد هجروها إبان سيطرة المليشيا.

 

استوقفنا أحد المواطنين وسألناه عن أوضاعهم بعد تحرير مناطقهم فقال: الحمد لله الآن أصبحنا نعيش في أمان بعد ما تخلصنا من الحوثيين الذين كان وجودهم يسبب لنا خوفا كبيرا خاصة وأنهم استطاعوا أخذ العديد من أبنائنا بالقوة للقتال معهم، حيث كانوا يجبرونهم على ذلك والذي يرفض يسجنوه وما يخرج إلا إذا دفع مبالغ مالية كبيرة، وكما تشاهد نحن مواطنون بسطاء فكنا نضطر لبيع المواشي لدفع ثمنها للحوثيين إما لإخراج أقربائنا من سجونهم أو لدفع ما يسمونه "المجهود الحربي"، وأي شخص يرفض كان يسجن مباشرة.

 

وأشار المواطن عبدالرحمن عمرين أن المواطنين في هذه المنطقة بعد الخلاص من الحوثيين عادوا إلى قراهم وأصبحوا يعيشون حياة طبيعية ولا ينغص حياتهم شيء.

 

وسألناه إن كان قد تم توزيع مواد إغاثية عليهم فأكد بأنه تم توزيع مواد إغاثية من قبل قوات المقاومة الوطنية على كافة أبناء المنطقة دون استثناء.

 

ألغام الحوثي تؤرق حياتهم

في هذه المنطقة وجدنا مجموعة من الصيادين يسحبون شبكتين من البحر وبجوارهم على الساحل عدد آخر من أبناء منطقتهم يقومون بتجفيف سمك "الوزف" الصغير الذي يتركونه تحت أشعة الشمس نهاراً كاملاً، ثم يقومون بعد ذلك ببيعه في اليوم التالي حسب ما أخبرنا أحد الصيادين.

سألنا مواطناً هناك يدعى إبراهيم حسن جليل عن الأوضاع التي يعيشونها فأجاب: بعد تخلصنا من الحوثيين عدنا إلى أعمالنا مجدداً لممارسة عملنا في صيد الأسماك حيث كنا لا نستطيع القيام بذلك عند وجود الحوثيين لأنهم كانوا مسيطرين على هذه المناطق، ويمنعونا من الصيد او الاقتراب من هنا الأمر الذي أجبر الكثير من أبناء المنطقة على النزوح إلى مناطق أخرى أكثر أماناً.

 

وأوضح جليل بأن ما يؤرق حياتهم الآن هو ما بقي من ألغام زرعتها المليشيات لم يتم نزعها حتى الآن؛ مشيراً بيده إلى إحدى المناطق بأنها ما زالت مليئة بالألغام حيث انفجر لغم قبل اسابيع بطفل لم يتجاوز عمره ثلاث سنوات في ذلك المكان الذي أشار اليه إضافة الى ألغام انفجرت في أغنام تابعة لأبناء المنطقة.

 

وأخبرنا المواطن جليل عن مآسٍ كثيرة تعرض لها أبناء الساحل الغربي جراء هذه الألغام كان آخرها ما حدث أمس الجمعة للمواطن محمد مشعل عوض جحبر (43) عاماً ونجليه ثابت (25) عاماً وحامد (18) عاماً الذين كانوا على متن دراجة نارية عندما انفجر بهم لغم زرعته المليشيات الحوثية قبل اندحارها في منطقة بعيدة عن أي هدف عسكري ما أدى إلى استشهادهم على الفور.

 

قلنا للمواطن جليل لماذا لم تكونوا تمنعوهم من زرع الألغام في مناطقكم..؟ فأجاب: كنا نحاول أن نقوم بذلك لكنهم كانوا يقومون بحبس كل من يراجعهم ويتهمونه بأنه خائن وعميل، بل وأتذكر أن مجموعة من عقال المنطقة توجهوا إلى الحوثيين وطالبوهم بعدم زرع ألغام في ذلك المكان – أشار إليه بيده- لكنهم أشهروا الأسلحة في وجوههم وهددوهم بالقتل، وتوعدوهم بأن أي شخص يرفض زراعة الألغام من أجل محاربة "الدواعش" فإنه سيتم قتله لأنه يمنع من يسموهم "المجاهدين" من قتال الأعداء -حسب قولهم-.

 

وخلال حديثنا مع الصيادين الذين تجمعوا حولنا كانوا جميعاً وبصوت واحد يطلبون من القوات المشتركة سرعة تخليصهم مما تبقى من ألغام الحوثي التي لم يتم نزعها حتى الآن كي يستطيعوا العيش بأمن وسلام.

 

التهديد بداعش

مواطن آخر من أبناء المنطقة وهو مصطفى فتيني الربصي شرح لنا كيف كانوا يعيشون عندما كانت مليشيا الحوثي تسيطر على المنطقة فقال بأنهم كانوا دائماً يهددونهم بأنه إذا جاءت قوات المقاومة المشتركة لتحرير هذه المنطقة فإنهم سيذبحونهم كون منتسبي المقاومة جميعهم من تنظيم "داعش"!! وكانوا يعرضون عليهم مقاطع فيديو وصوراً لمذابح ارتكبها تنظيم "داعش" في العراق وسوريا على أنها في اليمن، ويقولون لهم أن قوات المقاومة المشتركة ستفعل بهم نفس الشيء.

قاطعته والآن: كيف وجدتم الوضع؟

فقال ضاحكاً: الحمد لله الآن نحن نعيش في أمان، ووجدنا بأن قوات المقاومة هم إخواننا حيث مدونا بكافة متطلبات الحياة من المواد الغذائية، وأصبحنا نعيش كما كنا سابقاً قبل قدوم الحوثيين الذين مارسوا ضدنا الكثير من الظلم والقهر.

 

الاتهام بالخيانة

أحد المواطنين اقترب منا وحدثنا عن أن الحوثيين كانوا دائماً يتهمون أبناء المنطقة بأنهم خونة ويقولون لهم أنتم خونة لمجرد أننا نرفض أن نقاتل معهم، أو نرفض ان يكدسوا الأسلحة في الجوامع او المنازل القريبة من القرى، وقد رفضنا ذلك خوفاً من أن يأتي الطيران فيضربها فيقتل الأبرياء الذين لا علاقة لهم بمليشيات الحوثي.

 

مضيفاً: شاهد هذا الجامع الذي أمامك كانوا يجبروننا تحت تهديد السلاح بعد كل صلاة أن نؤدي "الصرخة"، ومن يرفض يتهمونه بأنه "خائن" أو أنه عميل لمن يسموهم "الدواعش"، ولكن الله خلصنا منهم على يد أبطال المقاومة.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية