"أصبحنا نرى الموت يرقبنا في كل مكان بالمدينة، ولم نعد نملك أدنى ثقة بالمليشيات الحوثية ونحن نلحظ يومياً حالات قتل واختطاف تحدث بلا أدنى مبرر، ولعلنا نكون في يومٍ من الأيام قتلى يسجلون على لائحة طويلة تضم من قتلتهم المليشيات (...) فالوضع هنأ سيء أكثر من أي وقتٍ مضى ولا أمل فيه".

 

بهذا الاقتباس وصف أحد ساكني صنعاء وضع المدينة التي بدت مؤخراً تشبه سجن كبير يمارس فيه الحوثيون انتهاكات تطورت مؤخراً الى حدوث حالات اغتيال واختطافات مستمرة تجاوزت كل الأعراف الاجتماعية وباتت تستهدف حتى النساء، ناهيك عن اختطافات تُمارس تعسفياً بشكل شبه يومي وتطال كل من لا يروق له الانقلابيين، وإن كان بريئا من أدنى التهم التي تلصقها المليشيات بخصومها عادةَ.

 

لا يرى مدنيو صنعاء شيئاً في مدينتهم يبعث بارق الأمل، والحال قد بات يتجه في طريق أكثر مرارة من ذي قبل، وهم وحدهم لا سواهم من يذوقون ويلات ما جنته المليشيات الحوثية طوال ثلاث سنوات من الحرب التي لم تتورع فيها الجماعة الانقلابية عن ارتكاب انتهاكات سيكون من الصعب على اليمنيين نسيانها في المدى القادم.

 

اغتيال في وضح النهار

 كان أحمد الميموني، المواطن الذي لا علاقة له بالسياسية ضحية أحدث حالة اغتيال، وقعت في منطقة حدة، جنوبي مدينة صنعاء، وهو "لن يكون الأخير، بل المقدمة لأسلوب جديد تنوي المليشيات انتهاجه للتعامل مع المدنيين تحت سيطرتها"، بحسب ما يصفُ مصدر حقوقي في صنعاء.

 

يرجح المصدر الذي يفضل التحفظ عن اسمه لدواعٍ أمنية، أن يكون ‘‘هذا الأسلوب الدموي نابع من قناعة المليشيات بمدى احتقان الشارع ضدها، مضيفاً: هي – ومن خلال عمليات الاغتيال -تحاول إيصال رسالة للمدنيين الذين تعتبرهم خصومها، بأن كل الخيارات متاحة لديها في كبح أي خروج ضدها، وإلى الآن لم تزل القضية مجهولة لكن المليشيات هي من تقف وراءها دون شك‘‘.

 

واقعة الاغتيال التي راح ضحيتها الميموني لم تحرك بشأنها المليشيات أي جهود أمنية، وتكتمت عليها اعلامياً، وما تزال القضية معلقة ضد مجهول حتى اللحظة.. حيث كان مسلحان على متن دراجة نارية قد اقتربا يوم الخميس، 5أبريل/ نيسان، من الميموني عند الصباح، وهو يسير في شارع حدة، وأطلقوا عليه وابلاً من النيران أردته قتيلاً قبل أن يوصله مواطنون الى المستشفى وهو جثة هامدة تلطخها الدماء.

 

تصاعد حالات الاختطاف

كثُرت حالات الاختطاف في صنعاء خلا ل الاسبوعيين الماضيين، والمؤكد أن الجماعة اعتقلت أربعة أشخاص أحدهم صحافي، بينما تفند معلومات نشرها الإعلام المحلي، بأن ست حالات اختطاف وقعت الاسبوعيين الماضيين في المدينة، اثنيتن منها جنوبي المدينة، حيث وقعت حادثة اغتيال الميموني.

 

واعتقل الحوثيون صحافي يدعا رشيد الحداد، والذي اقتيد إلى جهة مجهولة، عوضاً عن المواطن أحمد الشامي الذي أخذ على متن سيارة يستقلها مسلحون، اوقفته جنوبي المدينة ثم سحب الى داخلها بالقوة وهو الآخر أخذ الى مكان مجهول.

 

وطبقاً لمصادر خاصة فإن شابين اثنين اعتقلا الأربعاء الماضي، من منطقة مذبح شمالي شرق صنعاء، ولم يعرف عنهما أي شيء، وقد تعرضا للضرب المبرح من قبل عناصر حوثيين قبل أن يرمى بهما إلى صندوق عربة (طقم) وأخذهما من المكان.

 

يفند الصحافي هائل سعيد هذه التطورات بأنها ‘‘سلطة جهوية تمارس أبشع أساليب القمع والاضطهاد بحق المواطنين، رغم أنه لا يوجد أي مسوغ قانوني يبرر للجماعة الانقلابية ممارسة هذه البشاعات بحق الناس ومن دون أي وازع اخلاقي‘‘.

 

ويأسف هائل لهذه الانتهاكات البشعة في وقتٍ ‘‘يصمت فيه الجميع عن أداء واجبه، والذي يتركز على الأقل في إدانة هذه الجرائم والانتهاكات والتعسفات بحق المدنيين، من قبل جماعة كل تاريخها حافل بالجرائم والانتهاكات‘‘.
 

خرق الأعراف والتقاليد

أثار اختطاف المليشيات الحوثية لامرأة قبل أيام من أمام جامع الصالح في منطقة السبعين وسط صنعاء جدلاً واسعاً لدى كثيرين ممن أدلوا بمواقفهم تجاه الحادثة. فالموقف أن مسلحين حوثيين ارتجلوا من سيارتهم مساء السبت 13مارس/ آذار الماضي، واعتقلوا امرأة بالقوة ثم اقتادوها معهم الى مكان مجهول.

 

وما تزال التفاصيل بشأن هذه الحادثة مجهولة حتى اللحظة، إلا أن المواقف إزاءها اعتبرتها تطاولاً متجاوزاً للأعراف والتقاليد الاجتماعية، التي تمنع التعامل مع النساء بهذه الطريقة، وتعدو حادثة مثل هذه تطوراً لم يكن يحدث في السابق أو يُتوقع أن يحدث تباعاً.

 

تقول آمال، وهي مواطنة في صنعاء لها اهتمام بالنشاط الحقوقي، أن مثل هذه الحادثة ستحفز السكان الى اتخاذ مواقف صارمة ضد المليشيات الحوثية ‘‘فلم يكن أحدا يتوقع أن نشهد مثل هذه الحوادث التي تصنفها العادات الاجتماعية والتقاليد في اليمن، بأنها من الخطايا الجسام التي لا ينبغي السكوت عنها‘‘.

 

وينطبق موقف آمال الرافض لهذه الممارسات على كثيرين، رأوا جهوية المليشيات وتسلطها إلى هذه الدرجة تكشفاً لحقيقة الجماعة التي اختفت طوال سنوات مضت خلف عباءة انسلخت عنها مؤخراً وظهرت بحقيقتها المكتملة.

 

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية