زيارة من المنتظر أن يجريها رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس للجزائر وسط تقارير إعلامية تقول إن "خلافات الذاكرة" تسببت بتأجيلها.

وفي وقت سابق، أعلنت رئاسة الحكومة الفرنسية أن كاستيكس يعتزم زيارة الجزائر الأحد المقبل، "في خطوة جديدة لتقارب ثنائي بدأه الرئيسان إيمانويل ماكرون وعبد المجيد تبون"، فيما لم يصدر أي إعلان رسمي من الجانب الجزائري.

في الأثناء، تواترت تقارير إعلامية جزائرية، تؤكد، نقلا عن مصادر وصفتها بالمطلعة، إرجاء الزيارة أو ربما إلغاءها بسبب "خلافات الذاكرة" بين البلدين.

ووفق المصادر نفسها، فإن إرجاء الزيارة يأتي بـ"طلب جزائري" دون أن تكشف عن أسباب ذلك، فيما لم يصدر أي تأكيد رسمي حول التأجيل من الحكومتين.

وتضاربت الأنباء حول أسباب التأجيل المفترض للزيارة، والذي ترجح مصادر إعلامية أن يكون الخلاف بين البلدين حول ملف الذاكرة السبب وراء قرار يعتبر الأول من نوعه في تاريخ العلاقات بين البلدين.

فيما توقعت وسائل إعلام محلية بالجزائر أن يكون للخطوة علاقة بـ"تسليم مطلوبين" أصدرت الجزائر مؤخرا مذكرات توقيف دولية بحقهم بتهم تتعلق بالإرهاب، وأخرى ضد رموز النظام السابق متورطين في قضايا فساد، وأيضا الأموال المهربة من قبل النظام السابق.

وفي حال ثبوته، يتزامن القرار مع زيارة رسمية يجريها الفريق أول فرانسوا لوكوانتر، رئيس أركان الجيوش الفرنسية للجزائر، التقى خلالها نظيره الجزائري الفريق السعيد شنقريحة الذي فتح معه ملف تجارب نووية نفذها الاحتلال الفرنسي بالصحراء الجزائرية منتصف خمسينيات القرن الماضي.

وفي كلمة له أمام الوفد العسكري الفرنسي، طالب قائد أركان الجيش الجزائري باريس بتسليم بلاده الخرائط الطبوغرافية لموقعي التجارب النووية بمنطقتي "رقان" و"إن إكر" أقصى جنوبي الجزائر وإعادة تأهيل الموقعين، وتمكين الجزائر من تحديد مناطق دفن النفايات الملوثة المشعة أو الكيمياوية غير المكتشفة حتى اليوم، وفق بيان لوزارة الدفاع الجزائرية تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه.

 

رسائل جزائرية

ورأى مراقبون أنه في حال تأجيل زيارة رئيس الوزراء الفرنسي، فإن الخطوة "متوقعة" عقب تصريحات أدلى بها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الأحد الماضي، و"قلل فيها من أهمية الزيارة" واصفاً إياها بـ"مجرد زيارة تقنية وروتينية".

وفي مقابلة مع وسائل إعلام محلية، علق تبون على زيارة رئيس الوزراء الفرنسي والوفد المرافق له بالقول إنها "لن تفضي إلى معجزة وهي مجرد زيارة تقنية وروتينية".

وشدد الرئيس الجزائري على عزم بلاده استرجاع أرشيفها من فرنسا بـ"كل حزم"، معتبرا في السياق نفسه أن استرجاعه "قضية متشعبة مع فرنسا وهي من اختصاص تقني للباحثين والعمليين والمؤرخين فقط".

من جانبه، اتهم السفير الجزائري لدى باريس محمد عنتر داوود "لوبي يعمل جاهدا ضد تحسين العلاقات الجزائرية الفرنسية" وفق تصريح إعلامي أدلى به للتلفزيون الجزائري الحكومي نهاية الأسبوع الماضي.

وكشف السفير عن انتظار بلاده اعترافاً فرنسياً جديدا بتعذيب وقتل المناضل العربي بن مهيدي، وهو أحد أبرز قادة الثورة التحريرية الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي، رغم تأكيده أن الفضل في التقدم المحقق في ملف الذاكرة يعود إلى رئيسي البلدين.

وفي وقت سابق، اعتبرت وسائل إعلام فرنسية أن زيارة كاستيكس للجزائر تشكل "خطوة جديدة في التقارب الثنائي بين الرئيسين إيمانويل ماكرون وعبد المجيد تبون".

ووفق الحكومة الفرنسية، فإنه كان مقررا عقد اللجنة الحكومية رفيعة المستوى بين رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس ونظيره الجزائري عبد العزيز جراد، والتي لم تنعقد منذ 3 سنوات وتأجلت عدة مرات لأسباب سياسية وأخرى متعلقة بالحراك الشعبي الجزائري وجائحة كورونا.

وسجلت العلاقات بين الجزائر وباريس في العامين الأخيرين حالة من المد والجزر وتوتر غير مسبوق، قبل أن تشهد تقارباً لافتاً خصوصاً بعد الخطوات "الرمزية" التي اتخذها الرئيس الفرنسي في ملف الذاكرة بينها اعتراف بلاده بقتل المناضل السياسي الجزائري علي بومنجل خلال الثورة التحريرية (1954 – 1962) وكذلك رفع السرية عن الأرشيف المنهوب لديها، مع الإبقاء على السرية في ملف التجارب النووية.

ورحبت الجزائر بالخطوات الفرنسية ووصفتها بـ"الجيدة جدا"، لكنها أبدت تحفظاً كبيرا على تقرير المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا الخاص بـ"المصالحة التاريخية بين فرنسا والجزائر" واعتبرته "فرنسياً 100 % ولا يخدم جهود البلدين في تسوية ملفات الذاكرة".

 

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية