محطات متباينة ترسم مسار مفاوضات ثلاثية حول سد النهضة الإثيوبي بين مصر والسودان وإثيوبيا، سعيا نحو اتفاق للملف الأكثر تعقيدا.

إحداثيات تتغير بين البلدان الثلاثة منذ 10 يناير/ كانون ثان الماضي، تاريخ آخر جولة تفاوضية حول سد النهضة.

وبعد نحو شهرين على توقف المفاوضات، بدت مؤشرات إيجابية تلوح بالأفق لكسر جمود الملف، في أعقاب إبداء الدول الثلاث رغبة في إستكمال المحادثات والتوصل لإتفاق.

وعقب تأكيد إثيوبيا إلتزامها بالتفاوض للتوصل لإتفاق، أعلنت مصر والسودان عودتهما للمحادثات في إطار مقترح طرحته الخرطوم يقضي بتوسعة الوساطة لتشمل إلى جانب الاتحاد الأفريقي، الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.

وشهدت فترة توقف المفاوضات حالات من الشد والجذب، وتارة تبادل الإتهامات بين الدول الثلاث، وسط حراك دولي وإقليمي يرمي لكسر جمود الحوار حول الملف الأكثر تعقيدا.

وعقب فشل وساطة الإدارة الأمريكية في حمل الدول الثلاث على توقيع إتفاق مرض حول سد النهضة، حاول الاتحاد الأفريقي دفع الملف، وعقد عدة إجتماعات إسفيرية بين مصر والسودان وإثيوبيا.

غير أن وساطة الاتحاد الأفريقي لم تسفر أيضا عن أي تقدم، بعد تمسك الدول الثلاث بمواقفها تجاه سد النهضة، وفشل آخر اجتماع وزاري بين مصر والسودان وإثيوبيا عقد في 10 يناير / كانون ثان الماضي.

وبادر السودان بالانسحاب من المفاوضات تحت مبرر عدم جدوى المنهج المتبع والذي لم يحدث أي تقدم خلال 10 سنوات ماضية، داعيا إلى تغيير منهجية التفاوض بإعطاء خبراء الاتحاد الأفريقي الدور الأكبر.

وعقدت إجتماعات ثلاثية تحت قيادة خبراء الاتحاد الأفريقي، ولكن لم يتوصل الأطراف إلى تفاهمات حول سنوات ملء وتشغيل سد النهضة.

وعقب فشل جولات التفاوض تحت وساطة الاتحاد الأفريقي، أعلنت أديس أبابا عزمها تنفيذ الملء الثاني لسدالنهضة في يوليو/ تموز المقبل حتى قبل التوصل لإتفاق مع مصر والسودان.

وأكد وزير الري الإثيوبي سيليشي بيكيلي، اكتمال 78.3 بالمئة من أعمال بناء سد النهضة، وأنه ستتم مضاعفة الجهود خلال الأشهر المقبلة لـ"تنفيذ الجولة الثانية من ملء السد".

الاعلان الإثيوبي أثار حفيظة القاهرة والخرطوم اللتين سارعتا بتأكيد رفضهما لتنفيذ الملء الثاني لسد النهضة لما يشكله من تهديد لأمنهما القومي المائي.

وقال وزير الري السوداني ياسر عباس، في أكثر من مناسبة، إن عزم اثيوبيا تنفيذ المرحلة الثانية لملء سد النهضة دون التوصل لاتفاق قانوني ملزم، يتيح تبادل المعلومات المائية، ويشكل تهديدا مباشرا لسد الروصيرص وحياة 20 مليون سوداني يقطنون على ضفاف النيل الأرزق.

مخاوف السودان أثارها أيضا رئيس الوزراء عبدالله حمدوك خلال اجتماع القمة الإفريقية الأخير، معتبر أن توجه إثيوبيا يمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي في بلاده.

وبارتفاع وتيرة الخلاف حول سد النهضة، تدخل الاتحاد الأوروبي وبعث بوفد رفيع يقوده وزير خارجية فلندا، بيكا أولافي هافيستو، مطلع فبراير/ شباط الجاري، إلى السودان وإثيوبيا ومصر، عارضا إستعداده للتوسط للوصول إلى اتفاق مرض بين الدول الثلاث.

وفي أعقاب التحرك الأوروبي، كشف المتحدث باسم الخارجية الأمريكية عن تغييرات في سياسة بلاده بخصوص إثيوبيا وأزمة سد النهضة.

وقال نيد برايس إن واشنطن قررت عدم ربط التعليق المؤقت لبعض مساعدات إثيوبيا بالسياسة الأمريكية بخصوص سد النهضة.

وأضاف أن الولايات المتحدة أبلغت الحكومة الإثيوبية بالقرار، مشيرا إلى أن استئناف المساعدات سيعتمد على عدد من العوامل.

وعاد السودان مجددا، وعرض توسعة مظلة وساطة مفاوضات سد النهضة لتكون رباعية، تضم الاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة كسبيل جديد نحو التوصل لاتفاق بين الدول الثلاث.

مقترح سوداني لاقى التأييد من الجانب المصري بوصفه تطويرا لآلية مفاوضات سد النهضة وسبيلا لحل الأزمة.

وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إن الهدف الأساسي من دعم القاهرة لهذا المقترح هو دفع المسار التفاوضي قدماً، ومساعدة الدول الثلاث على التوصل إلى الاتفاق المنشود في أقرب فرصة.

واليوم الخميس، قال وزير الري السوداني، ياسر عباس، في تصريحات إعلامية، إن بلاده حريصة على "التوصل إلى اتفاق مع مصر وإثيوبيا بشأن سد النهضه، بما يجعله بوابة للتعاون والتكامل بينهم، وبداية تنسيق وتعاون إقليمى لتحقيق المصالح المشتركة بين جميع دول حوض النيل لفائدة شعوب المنطقة".

 

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية