تعيشُ تهامة الممتدة على شرفة البحر في حالات ثلاث، الإيجابية منها معايشة سكان الجنوب منها لحظات النصر، إذ تبدو الخوخة في صبيحة فلقت ليل الكهنوت دابة في الحياة وأهلها يسندون وجودهم إلى كنفِ الجمهورية ومثلها المناطق المحررة من حيس والتحيتا والدريهمي وما دونهن من مناطق الساحل الغربي، والحالة الثانية بادئة في انتظار التهاميين لفيالق الجمهورية القادمة عبر البر والبحر لانتشالهم من جحيم المليشيات، وآخرون في الحالة الثالثة يشكون جور الكهنوت لفداحة ما تقترفه الجماعة المدعومة إيرانياً.

 

للوافد إلى تهامة أن يرى كيف طال الجور الكهنوتي سكانها البسطاء، فلا يكاد يخلو منزل في المناطق المحررة إلا وفيه قصة مأساة وضعتها المليشيات فيه قبل أن تُطرد من هناك، فالخوخة وحدها كافية لأن تفسر حجم المعاناة التي تجرعها السكان هناك أثناء ما كانت المليشيات الإرهابية تعيث فساداً وخرابا، والسكان في السوق الشعبية هناك لا يخلو حديثهم اليومي عن "ذكريات الألم" التي عايشوها قبل فترة ليست ببعيدة.

 

لا يقتصر إجرام المليشيات الإرهابية على الإنسان فقط، للحيوان أيضاً نصيبٌ من جرم الحوثيين، ففي كيلو 10 على تخوم المدينة نفقت إحدى الأبقار وأصيبت ست أخريات نتيجة استهداف مزرعة مسورة في المنطقة بقذيفة أطلقتها المليشيات. فالحرب التي يخوضها الكهنوتيين صلفة ولا تقوم على أدنى مبدأ إنساني. بحسب مراقبين.

 

مصادر على اطلاع واسع أفادت "وكالة 2 ديسمبر" نهار الاثنين، أن الإرهابيين الحوثيين اعتقلوا نحو 27 مدنياً في مديرية زبيد جنوبي الحديدة. مشيرة إلى أن المعتقلين لا علاقة لهم بالحرب وليس لهم صلة بالسياسة ضمنهم أطفال (لم تحدد عددهم)، اقتيدوا على متن عربات عسكرية إلى مناطق غير معلومة يرجح أن تكون سجوناً سرية تمارس فيها المليشيات صنوف التعذيب ضد المعتقلين.

 

ويتفق سكان تحدثوا على نحو منفصل للوكالة، على أن توصيف الإجرام البشع الذي تمارسه المليشيات الإرهابية بحق سكان المحافظة غير منطقي حتى اللحظة، حيث تمارس الجرائم بالجملة يومياً وتطال المدنيين بشكل وحشي من قبل الجماعة الكهنوتية التي تحاول الحفاظ على بقائها في المحافظة على حساب سكان المدينة.

 

وأثبت ذلك مصدر حقوقي في المدينة مفضلاً عدم ذكر اسمه بإشارته إلى قيام المليشيات بنصب حواجز أمنية ومدفعيات وقواذف أرضية في الأحياء الآهلة بالسكان، إذ يرى أن تصرفات المليشيات الحوثية على هذا الشكل يأتي من علمها أن التحالف العربي يستثني استهداف الأحياء السكنية وإن كانت تتمركز فيها المليشيات.

 

وقتل مدنيون يقدر عددهم بأحد عشر شخصاً في مديرية التحيتا الأسبوع الماضي، عقب قصفهم بمقذوفات حوثية، ورصاص قناصين، أثناء احتدام المعارك مع القوات المشتركة على تخوم المدينة، ويرفض السكان هناك تداول هذا الخبر الذي حصلنا عليه من مصادر محلية خشية انتقام المليشيات الحوثية، حيث دفنت المليشيات ثلاثة منهم في مكان متصحر نتيجة تبعثر أشلاهم من انفجار المقذوف.

 

ويضطر المئات من سكان الحديدة على القتال مع المليشيات الحوثية نتيجة إجبارهم على ذلك بالقوة. معلومات متداولة أكدت في وقت سابق أن الجماعة الإرهابية فرضت القتال على السكان بالقوة بالذات في المديريات الجنوبية التي يعيش الأهالي فيها بوضع مأساوي، بعض من هؤلاء المجندين أغرتهم المليشيات بالمال والأكثر منهم دفعوا للقتال بالقوة.

 

وتشرح المعطيات حجم الانتهاكات التي ترتكبها المليشيات الحوثية بحق الأهالي، فالتجنيد الإجباري والترحيل القسري من المنازل ونصب الحواجز الخرسانية والتراب المُكوّم في الشوارع بالمدينة وحالات الاعتقال والقتل اليومية هناك تجسد قليلاً من الكارثة المخفية في قبضة الكهنوت غربي اليمن.

 

واعتادت المليشيات الإرهابية منذ توسعها في اليمن على استخدام المدنيين في الأغراض العسكرية، واتخاذها القتل والترهيب الوسيلة الأولى للبقاء، لكن الحديدة تتعرض على ما يبدو لأسوأ انتهاك تمارسه المليشيات الإرهابية في اليمن، ولا يقتصر المشهد في فترة أو زمن معين بل كارثة مستمرة يقودها أنصار إيران في اليمن تتضاعف يومياً بقدر ما تتضاعف معاناة السكان.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية