في زمن الميليشيا.. اسطوانات الغاز تشوي أجساد اليمنيين قبل أن تطهو طعامهم
لم تكن الحاجَّة أم (ن.ح) تعلم أن النار ستلتهمها قبل أن تشرب قهوتها التي كانت تحضرها.
لقد اشتعلت النار جراء تسرب الغاز من الأسطوانة، ولم يتمكن أهلها من إنقاذها، وفي نفس اليوم اشتعلت النار وسط منزل في حي الصافية بصنعاء جراء تسرب الغاز وتمكن أهالي الحي من إخماد الحريق دون ضحايا واقتصرت الخسائر على أضرار مادية.
حادثتان في يوم واحد بصنعاء التي تشهد يومياً عشرات الحرائق جراء تسرب مادة الغاز المنزلي من الأسطوانات المعطوبة، والتي تُصر ميليشيا الحوثي على إجبار المواطنين على استخدامها، بعد أن حصرت عملية توريد وبيع مادة الغاز على عناصرها.
مئات المواطنين ممن استطلعنا آراءهم يفيدون لـ"وكالة 2 ديسمبر" بأنهم يعانون بصورة مستمرة من الأسطوانات المعطوبة التي يتسرب منها الغاز، وعند محاولة إرجاعها إلى بائعيها من أصحاب المركبات التي تبيع الغاز في مداخل الأحياء يرفض هؤلاء الباعة إرجاعها.
من جانبه أبو يحيى يقول لـ "وكالة 2 ديسمبر": "لقد قمت ببيع أسطوانة الغاز المعطوبة لأحد الباصات التي تعمل بالغاز بنصف قيمتها (1500 ريال) لكي أحمي أسرتي من الحريق".
ويؤكد أبو يحيى أن الكثير من الأسر الفقيرة لا تملك خياراً سوى استخدام الأسطوانات المعطوبة وتتحمل المخاطر التي قد تدفع أرواح أفرادها ثمناً.
بدوره مصدرٌ في الشركة اليمنية للغاز الحكومية بصنعاء يقول لـ"وكالة 2 ديسمبر": "لا يمكن إنكار أن ثمة مخاطر ناتجة عن إعادة استخدام الاسطوانات المعطوبة والتي كانت الشركة قد قامت بالتحفظ عليها لحماية أرواح المستهلكين، إلا أن ثمة استهتاراً من قبل أفراد يفكرون بمصلحتهم على حساب حياة الناس".
5 ملايين أسطوانة تم سحبها من الأسواق قبل سنوات بحجة أنها غير قابلة للاستخدام وفقاً لمصادر خاصة بـ"الوكالة"، وتشير المصادر إلى أن ميليشيا الحوثي أعادت هذه الأسطوانات التالفة إلى الخدمة، خاصة بعد أن احتكرت توريد وبيع الغاز المنزلي على أفرادها، وتحقق من وراء ذلك مليارات الريالات دون مراعاة لحياة الناس التي تكتوي بنيرانها المختلفة وتحصد الموت فقط من هذه الميليشيا.
ممارسات كثيرة تقوم بها ميليشيا الحوثي لتحقيق الربح المادي على حساب أرواح الشعب، ويقول المصدر في الشركة اليمنية للغاز لـ"الوكالة": "كوني أحد أبناء الشركة فأنا أعلم بالمخالفات التي تُمارس وأولها غياب الرقابة على الأسطوانات في الأسواق إلى جانب غياب الصيانة لهذه الأسطوانات، والخطير في الأمر أنه يتم مؤخراً الاستغناء عن المادة النفاذة عند تعبئة الأسطوانات وهي الرائحة التي تُشعر المستهلك بتسرب الغاز، وذلك لتقليص الكُلفة وسيربح القائمون على تجارة الغاز حالياً حوالي 500 ريال إلى جانب الربح الذي يزيد عن 50% من تكلفة كل أسطوانة غاز".
جريمة خطيرة وعمل غير إنساني تقوم به ميليشيا الحوثي ويتمثل في الاستغناء عن إضافة المادة ذات الرائحة التي تُعبر عن الغاز، وتقوم بتعبئة الاسطوانات دون إضافة الرائحة وذلك لتحقيق كسب مادي سيقود إلى قتل الملايين من الناس، خاصة أن هذه الرائحة هي من تجعل المستهلك يكتشف تسرب الغاز، وعند غيابها لن يتمكن المستهلك من معرفة تسرب الغاز مما سيجعل الكثير من الأسر ضحايا حرائق ستنجم عن ذلك.
الموت فقط هو ما يحصده المواطن من ميليشيا تتفنن يومياً بصناعته، فمن لم تقتله برصاصاتها يموت جوعاً ومن لم يمت جوعاً يمت بنيران اسطوانات الغاز التي تشوي أجساد الناس بدلاً من أن تطهو لهم الطعام، لتجني ميليشيا الحوثي أموالاً تصنع لها الرفاهية.