ما أشبه الوضع ببارحة 17 يوليو وكم نحن بحاجة لعودة جديدة لتموز، تموز من صنع صالح، بذكائه الوقاد ودهائه وحنكته الجسورة.
 
عندما خرج صالح عن صمته متحديا المخاوف التي تُغرق المليشيا فيه صنعاء كان الشعب بمختلف فئاته وأطيافه يملؤون بأعينهم الشاخصة  شاشات التلفاز، البعض تحفر أنامله المتوترة المشدودة خصر الهاتف وقد تجمد نظره عليه، الجميع ينتظر اللحظة الفارقة التي تبدد فيها يد صالح سحب المليشيا الغليظة، كان الجميع خصوصا أعداء صالح، يؤمنون أن يد صالح وحدها من يمكن لها اجتراح معجزة الخروج من النفق، لم يعد نفقا بل أنقاضا.
 
أناحوا جانبا كل المعارك الأخرى في مناطق عدة من الجغرافيا اليمنية وشدوا سهام أنظارهم وآمالهم على مسافة لا تجتاز أمتاراً منزل، لكنه منزل يقطنه صالح، كانت شمس السابع عشر من تموز تتوهج في ذاكرة الكهول لتشع أملا، أمل ينغمر فيه صالح بوقفة اليمني في عصوره القديمة كما في كتب التاريخ.
 
وقفة الرئيس
 للرئيس وقفته الخاصة أيضا، وقفة شعب بأكمله تتحد آماله في شخص واحد بديمقراطية دشنها صعود صالح في السابع عشر من تموز ذاك العالم، الديمقراطية نفسها التي استشهد لأجلها في الثاني من ديسمبر، خارت الأنظار ومعها الآمال، من سوى صالح سيخرج بنا من هوة اللا منتهى هذه، اكتفى الجميع بالمشاهدة، كان اليأس قد نخر عضلاتهم وعظامهم طيلة سنوات الأزمة بدءاً من الانقلاب الحوثي الأول في الحادي عشر من فبراير مستخدمين في ذلك قوة المعارضة السياسية وقد كان معظمهم في السلطة، وانتهاء بانقلابهم الآخر المليشياوي المسلح في مارس 2015، ظل الجميع في الثاني من ديسمبر يحلمون بتموز جديد تجترحه عودة صالح، رحل صالح وبقي فقدان الأمل والحلم بالعودة.
 
17 تموز من العام 1987، بعيدا عن كل ما قدمه صالح، كان أكبر نجاح قدمه أنه استطاع الحفاظ على اليمن والخروج به جمهوريا موحدا نابضا بالحياة من مفترق طرق صعبة وملتقى مخالب مختلفة، ليزهر على مهل متخلصا بسياسته الذكية من كل ما كان يعيق قيام يمن جمهوري قبل الحادي عشر من تموز 1987م.
 
الرحمة والخلود لصالح ولكل مناضلي استعادة الجمهورية...
المجد والبقاء لليمن جمهوريا حرا أبيا .
 
* مدير عام مديرية المخا

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية