جاء قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2534) والذي صدر بتاريخ 14 يوليو 220م لتجديد مهام بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاقية الحديدة لسنة قادمة (كغير العادة)بعد أن تجاوز عملها في الحديدة سنة ونصف دون تحقيق أية نتيجة إيجابية تذكر ليمدد معاناة المواطنين اليمنيين، لأسباب عدة أهمها أن  البعثة تتعامل مع طرفين أحدهما جماعة تقدس الموت ولا تؤمن بالسلام ولا تحترم العهود والمواثيق،عوضاً على البعثة اتخذت مقرها في مناطق سيطرة الحوثيين الذين قيدوا حركتها من الأيام الأولى لعملها. 
 
 الحوثيون ما زالوا في الموانئ والمدينة بألغامهم وأسلحتهم ويمارسون فسادهم وسرقة المساعدات الإنسانية علانية دون أن تتم محاسبتهم على كل ما يرتكبونه من جرائم بحق سكان مدينة الحديدة والمديريات التي مازالوا يسيطرون عليها. 
 
وافق الحوثيون على اتفاق السويد من أجل هدف واحد وهو إيقاف تقدم القوات التي كانت في طريقها لإخراجهم من الحديدة وإنهاء معاناة السكان المدنيين، أما السلام فإن الحوثيين آخر مكون يمني يؤمن بالسلام والتعايش لأن هذه الجماعة تأسست على فكر مليشياوي عنصري. 
 
خرقوا الهدنة منذ أيامها الأولى واستمروا في زراعة المفخخات وإرسال المقذوفات لقرى ومساكن المدنيين، ووصل بهم الأمر إلى استهداف ضابط الرقابة شهيد السلام العقيد محمد الصليحي والذي لم تحرك الأمم المتحدة وبعثتها في الحديدة ساكناً تجاه ما اقترفته المليشيات الحوثية بحق أحد ضباط الارتباط الذي كان يعمل تحت مظلة الأمم المتحدة. 
 
الملاحظ والمؤسف أن الدول والمنظمات الدولية والأصوات التي ارتفعت ونادت بضرورة إيقاف تحرير مدينة الحديدة بذريعة أنها قد تسبب كارثة إنسانية هم أنفسهم من يلتزمون الصمت على مدى سنة ونصف، ولم يمارسوا أي ضغط على الحوثيين وأربابهم الإقليميين لتنفيذ اتفاق السويد ولا تحدثوا عن الكارثة الإنسانية القائمة جراء بقاء الموانئ الثلاث (الحديدة / الصليف/ راس عيسى) بيد أن ميليشيا الحوثي لا تعير معاناة اليمنيين َأي اهتمام. 
 
لست من الذين يؤمنون بنظرية المؤامرة التي يعلق الكثير فشلهم عليها، لكني أعرف أن هذا العالم الذي يبدو في الظاهر بسيط الملامح في علاقاته الدولية إلا أن مسار المصالح يأخذ منحنيات متشعبة قد تتفق أو تتنافر مع بعضها ثم تظهر كمواقف سياسية على مستوى الدول والمنظمات والأشخاص. 
 
وصحيح بأن ميناء الحديدة هو الشريان الرئيس لوصول المساعدات والسلع الضرورية وتوقفه عن العمل لفترة سيتسبب في معاناه إنسانية، لكن ماذا لو قارنا الخسائر بين سيناريو توقف الميناء مع الخسائر الحالية على المستوى الإنساني والاجتماعي والاقتصادي والسلم والأمن المحلي والإقليمي، قطعاً إننا سنجد بأن بقاء الميناء تحت سيطرة المليشيات أكثر كلفة على الشعب اليمني.
 
الأرقام التي تتحدث عما يسببه الحوثيون من معاناة للشعب اليمني مرعبة،
 
فهم يسرقون طعام الجياع ويستولون على عوائد المشتقات النفطية لصالح النافذين ويدفعون يومياً بالآلاف من اليمنيين إلى مساحات الفقر والموت ويختطفون طلاب المدارس والأيتام ليزجوا بهم في الجبهات للمشاركة في حروبهم العبثية،و مستمرون في زراعة الألغام في البر و البحر. 
 
إن وجهة النظر التي صورت الحوثيين بأنهم مستعدون للسلام وأنهم مستعدون للانسحاب من مدينة وموانئ الحديدة كانت مضللة وغير صادقة، والدليل هو ما تقوم به مليشيات الحوثي منذ التوقيع على اتفاق السويد وحتى اليوم. 
 
اأين هم أولئك الذين أثارتهم الكلفة الإنسانية التخمينية في معركة تحرير الحديدة ؟.. لا وجود لهم اليوم ولا صوت يعلو منهم مطالباً بوقف عبث مليشيا الحوثي بأرواح الشعب اليمني. 
 
أتساءل هل كانت اغلب تلك الدعوات جمعتها المصالح المشتركة لاستمرار الحرب واستنزاف الإقليم والارتزاق الرخيص على حساب شعب تقتله مليشيات الحوثي الممولة إيرانياً...؟!
 
رغم حجم الاألغام والمفخخات والعوائق الهندسية التي استخدمها الحوثي واحاطوا بها أنفسهم والأحياء المدنية، إلا أن معركة الحديدة التي خاضتها القوات المشتركة بالساحل الغربي وبدعم التحالف العربي كانت معركة نظيفة لأنها  اعتمدت كافة المحاذير وبصرامة من أجل الحفاظ على حياة المدنيين وعدم إقحامهم في صراع لا ناقة لهم فيه ولا جمل، حيث لم يتدخل الطيران ولم تسجل انتهاكات أو أعمال عنف في المناطق السكنية، حيث خاضت القوات المشتركة معركتها في مناطق مفتوحة، بعيداً عن الأحياء المكتظة بالسكان وترك فيها خط الشام الذي يخرج من شمال الحديدة مفتوحا لتسهيل حركة المدنيين و حتى مقاتلي الحوثي. 

توقفت المعركة التي خاضتها القوات في ١٢ يوم كسرت خلالها أنساق الحوثي الدفاعية العتية وكانت بحاجة إلى أسبوع آخر لتحرير الحديدة وموانئها من قبضة المليشيات الحوثية.

كانت تكمن الصعوبة في المدنيين الذين كان يتمترس الحوثي خلفهم وليس في دفاعاته التي قدمت فيها القوات تضحيات جسيمة حفاظاً على سلامة المدنيين، بعكس مليشيات الحوثي التي كانت تتمترس في أوساطهم. 
 
مر على الاتفاق سنة و ثمانية أشهر دون أن يسحب الحوثي عناصره لا من الموانئ ولا من المدينة مع بقاء ألغامه ومتفجراته والعوائق الهندسية في كل شبر من المناطق التي مازال يسيطر عليها.
 
وللأسف فقد بقيت بعثة الأمم المتحدة حبيسة مقرها ويقتصر عملها على بضع مراسلات لا أثر لها ولا تأثير فيما يجري على الأرض، ولو استمرت معركة الحديدة لكانت الحرب قد انتهت ولما استمر الصلف والتعنت واللامبالاة الحوثية حتى اليوم.
 
توقفت معركة الحديدة ما يعني استمرار الرئة الحوثية في التنفس من موانئ الحديدة، الشرايين التي تمدها بالأسلحة من إيران والسوق السوداء، وعبرها يسرق الحوثيون المساعدات الإنسانية بشهادة المنظمات الدولية، وينهبون عائدات المشتقات النفطية، وبالتالي تتسع رقعة الفقر والجوع والمرض يومياً بسبب ممارسات الحوثيين واستمرار الحرب التي أشعلوها، و تهديد الملاحة الدولية و أمن المنطقة. 
 
تخلف المجتمع عقودا، انتهى النظام الصحي، وتملشنت مؤسسات الدولة، وبقي المواطن المسكين في مناطق سيطرة الحوثي فريسة للموت جوعاً أو مرضاً أو في جبهات القتال التي تقودهم المليشيات إليها سواء عن طريق الترغيب أو الترهيب، بل ووصل الأمر بالحوثي إلى أن يصبح ظهيراً لفيروس كورونا القاتل الذي يفتك بالشعب اليمني دون أي اهتمام أو حتى عناية أو إعلام المواطنين والمجتمع الدولي بالإحصائيات عن حالات الوفاة والإصابة أو الإجراءات الاحترازية، مكتفين بتعاويذ الكاهن حسين الحوثي. 
 
وأخيراً وليس بآخر يصدر الحوثي لائحة الخمس في تمييز عنصري فاضح ومقيت في نفس الوقت الذي تتصاعد الأصوات المنددة بكل أشكال العنصرية، لكن هذه الأصوات خرست وللأسف أمام هذا الإجراء العنصري للمليشيات الحوثية. 
 
حتى ناقلة صافر التي أصبحت قنبلة موقوتة في البحر الأحمر وممر الملاحة الدولية، يستخدمها الحوثيون كسلاح نووي لابتزاز المجتمع الدولي. 
 
أود التأكيد أننا مع السلام الذي يضمن لشعبنا الحرية والحماية من سطوة الجماعات الظلامية والقمعية، وأن كل ما نقوم به من نضال هو من أجل السلام والعدل لهذا الشعب المكلوم والحفاظ على قيم الجمهورية ومكتسبات الثورة اليمنية العظيمة ٢٦سبتمبر و ١٤ أكتوبر، ولكن أين الحوثي من السلام والنظام الجمهوري والتعددية السياسية والمساواة الاجتماعية وحقوق الانسان...؟!
 
وفي الختام أود القول بأننا كشعب لنا كامل الحق في النضال حتى ينتزع شعبنا كافة حقوقه من المليشيات الحوثية التي قتلت النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق وأحرقت الحرث والنسل وعاثت في أرض اليمن الفساد.. وسنواصل النضال مالم يكن هناك توجه حقيقي وغير زائف للسلام.

 

*الناطق الرسمي باسم المقاومة الوطنية
عضو القيادة المشتركة في الساحل الغربي

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية