في محافظة الحديدة الساحلية مجددا، وتحديدا في منطقة الجاح غرب بيت الفقيه، المئات من الأسر المنكوبة نتيجة القصف اليومي الذي يطول المنطقة، والقنصِ المتواصلِ للحوثيين الذي فتك بحياة العشرات من الناس وهم يؤدون أعمالهم في مزارعهم، أو حتى داخل بيوتهم.
 
جودة وفاطمة، طفلتان في عمر الزهور، كانتا تعيشان ضمن أسرتهما في قرية الكشانية بالجاح، وكان أبوهما مزارعًا كبيرًا في المنطقة يزرع الخضروات والفواكه، ويربي النخيل ليثمر تمرا، استمر الحالُ في اطمئنان حتى جاءت قذيفةٌ أرسلها الحوثيون لتغير كل شيء رأسًا على عقب.
 
قتلت أمُ جودةِ وفاطمةِ في القصف المفاجئ، وحزم الأب بعد مراسم الدفن أمتعته مغادرًا بصحبة ابنتيه الصغيرتين، نحو منطقة الطور ليلحق بالنازحين الذين سبقوه في اختيار هذا الطريق والابتعاد قدر الحاجة عما يبيت له الحوثيون.
 
مضت أشهرٌ قليلة على الاستقرار في الموطن الجديد الذي ظن الأب أنه آمنٌ لحياته وحياةِ أطفاله، تزوج هناك من امرأة أخرى لتربي صغيراتِه وتعينه في الحياة، وبعد فترة جاءت قذيفة ثانية وقعت وسط المنزل أثناء تناول الأسرة طعامَ الغداء، فقتلت الزوجةَ الثانيةَ وهي حاملٌ في شهرها السادس.
 
أصيب الأب بجروح متوسطة، وأصيبت ابنتاه بشكل خطير نتيجة الشظايا التي انتزعت الكثير من جسديهما، فانتهى يومَها فرحُ الأمان الذي استشعرته الأسرة بعيدا عن خطوط النار، وبدأت معاناة جديدة في أروقة المستشفيات، استمرت لثمانية أشهر، ولا تزال الفترة مفتوحة.
 
عدة عمليات جراحية دقيقة تدخل بها الأطباء لجراحة عيني الطفلة جودة، التي تأثرت من الشظايا يومها، فقد كانت توشك أن تفقد بصرها، لولا تكفل إحدى الجهات الإنسانية بتمويل العمليات الجراحية التي لم تكتمل حتى اليوم.
 
خسارة الأب لأملاكه التي كانت تغنيه عن العون والمساعدة جعلته اليوم أحوج لقليل من الزاد وقد أضحى فقيرا معدما لا يملك في جعبته شيئا لمواجهة الحياة بظروفها القاسية والأليمة.
 
إنه حالٌ يؤسف عليه، تتحرك لأجله ضمائر الإنسانية، لكن في نظر مليشيا الحوثي، كل شيء مباح ليفعلَه عناصرها، حتى وإن شاءوا قتل بريء لا ذنب له، فلا اعتراضَ عند المليشيا يمنع عنهم رغبتهم في القتل.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية