لم يكن ذلك بسبب من كونهم قد طلبوا اقتصار اللقاء على حديث بدون تسجيل ولا حوار صحفي، ولكنني جبنت إزاء الضغط الإعلامي الرهيب، إذ توقف الناس عن الكتابة حول الحوثيين والحرب والكوليرا وانهمكوا كليا في :محمود ياسين سيقابل علي عبد الله صالح .

 

افتح الفيسبوك أحصي ما يتجاوز سبعين منشورا فلربما يتحدث أحدهم عن أي شيء آخر فلا أجد.

 

تجربتنا في السياسة كافية بالكاد لإثبات مقولة الشرف، الشرف كما يتم تعريفه من قبل حشد مكرس للقطيعة مع رجل لم يكن حقا كما تدربنا عليه من تجسيد للتوصيفات التي استدعيناها من الكتب وألبسناه إياها متحدثين مثلا عن ديكتاتورية قبيلي يمني حكمنا ثلاثة عقود بالترضيات وبالفساد وبألاعيب السياسة وبالعفو والمداراة إلا أنه لم يكن دكتاتورا بحال، أي ديكتاتور هذا الذي يمد يده لصحفي ويحلف هكذا: والله وراس جهالي ما امرت ولا اعلم بالاعتداء عليك.

 

ولو كان حتى كل الذي قلناه عنه فاللقاء والحوار مع سياسي بتجربة صالح كان ليكون الأخير والأكثر مهنية، لكنني استسلمت لمزاج جيلي الخليط من التطهرية وتحاشي ملامسة ما تبقى من الممكن، شكل من الافتقار للثقة بالذات حد التخلي عن كل ممكنات السياسة والتبتل كلية في ثنائية الخير والشر، وبدون إخلاص حتى لهذه العقيدة، إذ تحضر فوبيا التخوين لتضع حدا لأي محاولة بحث بمعزل عن " الشيطان والملاك " .

 

لقد أذبنا أخطائنا جميعا والتي مارسناها بدأب، أذبناها في أخطائه، وجردناه من كل قيمة إنسانية لنثبت لأنفسنا أننا نقيض ما اتهمناه به ، وحرمنا أنفسنا وبلادنا من فضيلة الإصغاء لرجل كان قد اختار نهاية لائقة ، وعندما تعذر عليه وعلينا البدء بحياة جديدة ربما نغتسل بها من خطايانا وخطاياه، وأن نعترف لبعضنا بضعف وقصور ورجاءات الأحياء ، اختار موتا لائقا فهو المتاح الوحيد .

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية