أصدرت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) تقريرا جديدا هو الثالث من نوعه ويتعلق بما يرافق الاحتجاجات التي شهدها العراق في الفترة الواقعة بين 5 تشرين الثاني/نوفمبر و9 كانون الأول/ديسمبر. وتشير النتائج الأولية إلى ارتكاب تجاوزات وانتهاكات للحق في الحياة والسلامة البدنية والحرية والأمن الشخصي وحرية التعبير والتجمع السلمي.
 
وخلص التقرير المكوّن من تسع صفحات إلى أن القوات العراقية ملزمة بالحفاظ على الأمن العام وحماية المباني وممارسة ضبط النفس وبذل الجهود لتهدئة الوضع. كما أكدت البعثة أنه لا يوجد حق في التصرف بعنف تجاه ممارسة الحق في التجمع السلمي.
 
دور "المليشيات المجهولة"
وبحسب تقرير يونامي، فإن رجالا مسلحين مجهولين يُطلق عليهم "مليشيات" أو "جهة مجهولة ثالثة" أو "كيانات مسلحة" وثمّة من يقول إنهم "خارجون عن القانون" و"مفسدون"، هي جماعات مسؤولة عن القتل المتعمد واختطاف المتظاهرين. وطالب التقرير الحكومة بتحديد هوية هؤلاء الأشخاص وتقديمهم للمحاكمة وتحمّل المسؤولية لحماية الشعب والمتظاهرين السلميين من بطش الجهات المسلحة التي تعمل خارج سيطرة الدولة.
 
وفي الوقت نفسه، رحبت يونامي بتطبيق القانون الجنائي على المتظاهرين الذي يزعم بأنهم ارتبكوا جرائم، إلا أنه يجب توفير ضمانات إجرائية لجميع الأشخاص وضمان محاكمتهم محاكمة عادلة.
 
وتشير النتائج الأولية إلى ارتكاب تجاوزات وانتهاكات عديدة لحقوق الإنسان بما في ذلك استخدام القوة المفرطة (القاتلة وأقل فتكا). واستندت البعثة في نتائجها إلى 183 مقابلة رصدية أجريت من 5 تشرين الثاني/نوفمبر إلى 8 كانون الأول/ديسمبر. وقالت يونامي في التقرير، إنها استمرت في تلقي مزاعم موثوقة تتعلق بعمليات القتل المتعمد والاختطاف والاحتجاز التعسفي، إلا أن التقرير أوضح أن يونامي لا تزال تتحقق من المعلومات المتعلقة بمعاملة المتظاهرين أثناء الاعتقال والتحقيق والاحتجاز، إلا أن التقارير الموثوقة تشير إلى أن العديد من المتظاهرين لم يتمكنوا من الاتصال بذويهم أو محاميهم أثناء فترة التوقيف للتحقيق قبل نقلهم إلى مراكز الاحتجاز.
 
170 حالة وفاة وآلاف الجرحى
وخلال فترة التقرير، تم تسجيل 170 حالة وفاة و2،264 إصابة، إلا أن بعثة الأمم المتحدة اعتبرت هذه الأرقام أولية، إذ لم تسمح الحكومة بالحصول على بيانات إحصائية رسمية من المستشفيات تتعلق بضحايا التظاهرات أو زيارة المستشفيات لمقابلتهم، خلافا لما كان متبعا في السابق.
وقالت البعثة الأممية إن التظاهرات استمرت في بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية – بابل، البصرة، ذي قار، كربلاء، ميسان، المثنى، النجف، القادسية وواسط. وردّا على عمليات القتل في النجف وذي قار في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر، امتدت التظاهرات إلى الموصل (في محافظة نينوى) ومحافظة الأنبار، واتسمت مظاهرات التضامن تلك بالسلمية.
استخدام الذخيرة الحية
وفق تقرير يونامي، فإن معظم الوفيات والإصابات الخطيرة في المحافظات الوسطى والجنوبية نجمت عن استخدام الذخيرة الحية من قبل قوات الأمن والمسلحين الذين وُصفوا بالميليشيات لتفريق الحشود.
في حين حاول متظاهرون إضرام النيران في المباني واستخدام قنابل المولوتوف وإلقاء الحجارة على قوات الأمن.
مظاهرات سلمية
وشدد التقرير على أن الغالبية العظمى من المظاهرات التي شهدتها بغداد اتسمت بطابع السلمية في ساحة التحرير، في حين واصلت مجموعات صغيرة من المحتجين محاولات الوصول إلى المنطقة الدولية السابقة عن طريق عبور جسر الجمهورية واجتياز جسور السنك والأحرار والشهداء، ورشق الحجارة والمولوتوف على قوات الأمن.

وبحسب يونامي، فقد بدأ استخدام الذخيرة الحية مرة أخرى في بغداد من تاريخ 4 تشرين الثاني/نوفمبر، ما تسبب بحدوث 66 حالة وفاة في الفترة الواقعة بين 5 تشرين الثاني/نوفمبر و8 كانون الأول/ديسمبر.

ويؤكد تقرير يونامي إلى أنه في هذه الحالة ينبغي على الدولة إجراء تحقيق شفاف ومحايد وسريع وشامل وفعّال وذي مصداقية ومستقل. ويشير إلى أنه عندما يحدث انتهاك، فيجب تقديم تعويض كامل بما في ذلك تدابير التعويض المناسبة وإعادة التأهيل وإصلاح الضرر.
وأوضح التقرير أن بعثة يونامي لاحظت اتخاذ خطوات في هذا المجال، ففي 15 تشرين الأول/أكتوبر أصدر مجلس القضاء الأعلى بيانا مفاده بأن محكمة تحقيق الكوت أصدرت أمر اعتقال بحق ضابطين في واسط بتهمة قتل متظاهرين. وفي 1 كانون الأول/ديسمبر، أصدرت المحكمة الجنائية في واسط الحكم على أحد ضباط الشرطة برتبة رائد بالإعدام وقضت بسجن آخر سبع سنوات بتهمة التورط في قتل متظاهرين.
 
استهداف نشطاء
وخصص التقرير جانبا من الاعتقالات التي طالت نشطاء بارزين واستهدافهم من قبل قوات الأمن والجماعات التي توصف بالميليشيات. وبحسب التقرير فإن المعلومات الموثوقة تؤكد أن قوات الأمن ألقت القبض على أشخاص من منازلهم و/أو مركباتهم واحتجزتهم في الحبس الانفرادي أثناء التحقيق كما أن الجماعات التي توصف بالميليشيات اختطفت ما لا يقل عن خمسة نشطاء واحتجزتهم في مواقع احتجاز غير رسمية لعدة أيام أثناء استجوابهم.
ويتم استهداف النشطاء بناء على منشورات في مواقع التواصل الاجتماعي ودرجة تأثيرهم أو متابعتهم.
حرية التعبير
وتطرق التقرير إلى إعاقة حرية التعبير في البلاد، ومن الأمثلة التي ذكرها التقرير قرار هيئة الإعلام والاتصالات الصادر في 26 تشرين الثاني/نوفمبر، المتعلق بإغلاق ثماني محطات أخبار فضائية بسبب "عدم الامتثال لقواعد وأنظمة البث". كما حذرت خمس قنوات وطلبت منها "تصحيح خطابها" بطريقة تتوافق مع لوائح البث الإعلامي.
كما وردت تقارير تفيد بمنع قوات الأمن الصحفيين من القيام بواجبهم وتغطية المظاهرات واستخدمت العنف في بعض الأحيان. ففي 27 تشرين الثاني/نوفمبر ذُكر أن مراسلة تلفزيون دجلة في النجف تعرضت هي والمصور للضرب بالهراوات على يد قوات الأمن.
 
التوصيات
واختتمت يونامي تقريرها بوضع مجموعة من التوصيات، أهمها:
امتثال جميع قوات الأمن للمعايير الدولية المتعلقة باستخدام القوة والأسلحة النارية في سياق إنفاذ القانون.
توفير الحماية للمتظاهرين السلميين.
اعتماد استراتيجية وطنية شاملة لحفظ الأمن وتأمين المظاهرات.
إجراء تحقيق فوري ومستقل ونزيه وفعال وشامل وشفاف في جميع حالات الوفيات المتعلقة بالمظاهرات.
الامتناع عن حجب الإنترنت والوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي وعدم التدخل في القنوات الإعلامية.
التحقيق في ادعاءات تخويف وتهديد وعنف ضد الصحفيين ومحاسبة المسؤولين.
اليوم العالمي لحقوق الإنسان
هذا وقد أحيا العالم هذا الأسبوع اليوم العالمي لحقوق الإنسان. وبهذه المناسبة أقامت يونامي فعالية في 10 كانون الأول/ديسمبر بعنوان "شباب يدافعون عن حقوق الإنسان" بهدف تشجيع الشباب على جعل حقوق الإنسان موضوعا مركزيا.
 
وجددت يونامي دعمها للشعب العراقي في تطلعه إلى التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية الكاملة على النحو المنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

 

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية