حذر تقرير لصحيفة الغارديان من اختيار الكتل السياسية خليفة لرئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي يكون مقربا من طهران، التي استعدت الشعب العراقي ووجهت المسؤولين في بغداد بفتح النار على المتظاهرين لإخماد الثورة.
 
واتخذ البرلمان العراقي قراره الأحد بالموافقة على استقالة الحكومة، بعد أسبوع شهد أشد الأحداث دموية منذ بدء المظاهرات، إذ سقط عشرات القتلى خاصة في مدينتي الناصرية والنجف بجنوب البلاد.
 
"توجيهات إيرانية"
وقتلت قوات الأمن ما لا يقل عن 45 مدنيا كانوا يحتجون حول مدينة الناصرية الجنوبية الخميس الماضي في واحد من أسوأ أيام الانتفاضة العراقية.
 
وأظهرت الحكومة العراقية القوة الغاشمة ضد المتظاهرين بعد قذف قنابل المولوتوف ضد القنصلية الإيرانية في النجف الأربعاء الماضي، والذي كان يعبر عن مشاعر متصاعدة وغاضبة ضد إيران من قبل المتظاهرين العراقيين، بحسب الغارديان.
 
لكن محاولات قمع الاحتجاجات بالقوة الغاشمة لم ينتج عنها إلا مزيد من الغضب في وسط وجنوب العراق وتعميق الفجوة بين المتظاهرين المتشبثين بالشوارع والطبقة السياسية.
 
وتقول الغارديان: "أدت المحاصصة الطائفية والحزبية إلى فساد مستشر ومحسوبية في جميع مناحي القطاع العام في الدولة ما سمح بنهب ثروات العراق النفطية وترك العديد من العراقيين بدون فرص، فكان الفساد ونهب إيرادات الدولة هو الدافع الرئيسي لحركة الاحتجاج التي قادها شباب محرومون من حقوقهم".
 
"النظام الطائفي بدأ في الانهيار"
ويرى أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد والمتخصص حول قضايا العراق، توبي دودج، أن النظام الذي تأسس ما بعد 2003 وضم الفساد والطائفية بدأ في الانهيار، بحسب الصحيفة.
 
وقال دودج لـ"الأوبزرفر" إن "الأسس الأيديولوجية والطائفية التي تم تقسيم المجتمع العراقي على أساسها تم رفضها، وفي نفس الوقت كانت النخب الحاكمة الطائفية تستمر في تقسيم الغنائم بينها حتى أصبح الأمر علنيا بشكل واضح وفاضح، ما أدى إلى تزايد الرفض الشعبي لهذا النظام".
 
ويضيف دودج للصحيفة: "كانت النخب الحاكمة معارضة لنظام صدام حسين، لكن مع مرور الوقت، توقف الشعب عن رؤيتهم كأبطال وأصبح يراهم كباحثين عن مصالحهم الشخصية والحزبية فقط، خاصة مع استخدام ميليشياتهم لتثبيت حكمهم ونفوذهم".
 
تعدى الأمر من عموم الشعب إلى عمداء القبائل الذين انقلبوا على قوات الأمن القمعية بعد قتل المتظاهرين، متهمينها بالحصول على توجيهات من المسؤولين الإيرانيين بتصفية المعارضين ومواجهة التظاهرات بحسم، وفق الصحيفة.
 
ولعبت إيران دورا محوريا في محاولات قمع الاحتجاجات في العراق، بالرغم أن المتظاهرين الذين انتفضوا كانوا من الشيعة.
 
ويرى تقرير الصحيفة أن إيران أصبح لها دور متنام ومتصاعد في العراق ما بعد 2003، وخاصة بعد الانسحاب الأميركي من العراق في 2011. وأن الجنرال الإيراني قاسم سليماني هو الشخصية المحورية وراء قمع الاحتجاجات وتوجيه البنادق إلى أدمغة المتظاهرين.
 
وفي الوقت نفسه، تواجه إيران نفسها ضغوطا في الداخل وكذلك انتفاضة في لبنان، حيث توجد أهم أوراقه العسكرية في الخارج، حزب الله والذي يلعب دورا حيويا في شؤون البلد الهش.
 
إيران قد تنجح في لبنان لكنها لن تنجح في العراق
يرى مسؤول إقليمي متخصص في شؤون إيران للصحيفة أنه "رغم أن المنتفضين في العراق هم الشيعة، وأن المنتفضين في لبنان من عموم الشعب بما فيهم الشيعة، لكن إيران قد تنجح في احتواء الانتفاضة في لبنان، لكنها لن تنجح في العراق بسبب دور القبائل الذين عليهم أن يتعاملوا معها وسيخفقون في ذلك".
 
ويضيف أن "المتظاهرين في العراق يحملون إيران المسؤولية عن الدم الذي يسيل ومقتل المئات، وجرح الآلاف، وهو واضح من إقدامهم على إحراق القنصليتين الإيرانيتين في النجف وكربلاء، ويهتفون بأن العراق ليست ملك إيران".
 
ويشير إلى أن "مطالب زعماء القبائل في محافظة ذي قار بمحاسبة قوات الأمن وقادة الميليشيات المسؤولين عن عمليات القتل في الناصرية، يضيف المزيد من تعقيد الأمر بالنسبة لطهران، ما يجعله أخطر ما واجهته إيران في الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد صدام".
 
خطورة اختيار رئيس وزراء مقرب من طهران
ما يزيد من خطورة انهيار الدولة العراقية هو أنباء متداولة عن ترشيح شخص مقرب من طهران لخلافة رئيس الوزراء المستقيل، في هذا الوقت العصيب، وفق الصحيفة.
 
فمن بين المرشحين الذين قد يحلون محل عبد المهدي، هو هادي العامري، قائد وحدات التعبئة الشعبية، ويتزعم تحالف الفتح الذي يسيطر على ثاني أكبر كتلة برلمانية وعلى الميليشيات الشيعية المسلحة والموالية معظمها لإيران، وفق الصحيفة.
 
أمام البرلمان شهر تقريبا لتسمية خليفة لعبد المهدي، لكن يبدو أنه من الصعب التفاهم بين الكتل السياسية في العراق، مما ينذر بإغراق العراق في الهاوية.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية