الخندق الواحد
تمثل العلاقة السعودية - الإماراتية صمام أمان ليس للبلدين فحسب، بل للمنظومة الإقليمية برمتها، كونهما يجسدان قيم الاستقرار والتنمية، كما يمثلان منطق العقلانية السياسية ومفهوم الدولة الحديثة، في احترام القيم والتشريعات الدولية، والاحتفاظ بعلاقات طبيعية مع دول العالم عبر التعامل من خلال القنوات الرسمية المعروفة، ومن خلال هذه السمات يمكن تفسير حملة التشكيك الجارية في أسس هذه العلاقة الراسخة من خصوم المنطق العقلاني لإدارة الدول، ومن دول تزدري مفاهيم السيادة وحسن الجوار.
ويجهل هؤلاء الأساس العميق والصلب للعلاقة بين المملكة والإمارات، وهو ذات الأساس الذي عبَر محطات وتباينات طبيعية عبر السنين، ولم تؤثر فيه أو تقلل من متانته، بل كان في كل مرة يزداد صلابة وقوة، إذ ينهل من روابط التاريخ ويترسخ بشراكة المستقبل، ما يجهله أيضاً هؤلاء الذين تحركهم أيديولوجيا الفوضى، أن الشقيقين الخليجيين قد حسما أمرهما حيال المستقبل، وعلى وعي عميق بمحاولات جرهما للخلف؛ خشية اكتمال مشروعهما النهضوي الذي سيبدد مشروعات الفوضى والطائفية، حيث جعلت بعض الدول من نفسها منصة لتنفيذها ونشر الخراب والدمار في المنطقة.
العارفون ببواطن الدبلوماسية الدولية يدركون أن التماثل التام في الرؤى والاستراتيجيات بين الدول المتحالفة ليس وارداً، إنما تدير الدول الراشدة علاقاتها على عوامل الالتقاء والمصالح المشتركة، وما يجمع المملكة والإمارات أكثر من مجرد مصالح آنية وشراكة مستقبلية، إذ يجتمع التاريخ والجغرافيا والتقارب الرسمي والشعبي ليعزز لحمة البلدين.
بهذا المعنى جاء تأكيد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي على وقوف الإمارات مع المملكة في خندق واحد، ليعبر عن وحدة المصير والمستقبل التي تجمع البلدين، ليشكلا حلفاً لإرساء الاستقرار ومواجهة التحديات في المنطقة.
باختصار تمثل العلاقة السعودية - الإماراتية حاجة ضرورية واستراتيجية للجميع، أما من يحاول المسّ عبثاً بهذه المسلمات، فيرد عليه الشيخ محمد بن زايد بعبارة عميقة: «الدولة التي تريد أن تبني نفسها ويكون لها مسار مثل مسارات الدول المتقدمة عليها أن تتجاوز الصعاب والتحديات الكبيرة».