وكالة 2 ديسمبر الإخبارية

الثورة مستمرة...

ألقت الاستقالة الجدلية لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، التي خرجت من حسابه على "إنستغرام"، الضوء على صورة أوضح بدون "فلاتر" لمدى تغول الحرس الثوري على الجهاز الدبلوماسي.

ونشر ظريف، رسالة استقالته على موقع التواصل الاجتماعي الشهير، قائلا: "أعتذر لكم عن كل أوجه القصور في السنوات الماضية خلال تولي منصب وزير الخارجية. أتوجه بالشكر للأمة الإيرانية والمسؤولين".

وقالت مصادر مقربة من الوزير إن الاستقالة جاءت احتجاجا على عدم إبلاغ ظريف بزيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى طهران، يوم الأحد.

ورغم عدم قبول الرئيس حسن روحاني الاستقالة، حسبما أوردت وكالة "فارس" المحلية للأنباء، فإنه لا يمكن التغطية عما كشفت عنه من انقسام في رأس السلطة بشأن التعامل مع الملفات الخارجية بعد أن امتد نفوذ الحرس الثوري إلى الجهاز الدبلوماسي، بحسب خبراء.

والتقى المرشد الأعلى علي خامنئي وروحاني الأسد، الذي جاء وحده إلى طهران بحضور قاسم سليماني أبرز قادة الحرس الثوري.

وقال أفشين مولافي زميل معهد السياسة الخارجية بجامعة جون هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة بواشنطن، لـ"سكاي نيوز عربية"، إن الإيرانيين عمدوا إلى استدعاء بشار لوحده بحضور سليماني، لإيصال رسالة مفادها أنه في حماية الحرس الثوري فقط، وأن جهاز طهران القوي هو السبب في استمراره حتى الآن على رأس السلطة في دمشق.

أكثر وقاحة

ويدرك ظريف أن الملف السوري من اختصاص الحرس الثوري، لكن، بحسب مولافي، فقد "أصبح الوضع أكثر وقاحة باستبعاده من حضور مثل هذا اللقاء".

وقال وزير الخارجية الإيراني في تصريحات سابقة إن الخلافات الحزبية تمثل "السم القاتل" للسياسة الإيرانية، في إشارة إلى التخبط الذي يعتري النظام بوقت يواجه فيه عقوبات أميركية حازمة، فشل جهازه الدبلوماسي حتى الآن في الالتفاف عليها عبر بعض الدول الأوروبية.

واعتبر مدير المرصد الأحوازي لحقوق الإنسان علي قاطع الأحوازي، أن الأزمة الحالية ليست وليدة اللحظة، وإنما نتاج لتراكمات في عمق السلطة الإيرانية.

وقال لـ"سكاي نيوز عربية": "هناك نظام إيراني يعتمد بالدرجة الأولى على الحرس الثوري وجهاز قضائي متشدد في إدارة البلاد والتحكم في مقدراتها، أما الحكومة فهي لتصريف الأعمال".

وأشار الأحوازي إلى الضغوط التي يتعرض لها روحاني وإدارته من الحرس الثوري، الذي يريد دفع البلاد إلى مزيد من المغامرات والصدامات.

وجه الدبلوماسية العسكرية

وأصبح سليماني "الوجه الدبلوماسي الجديد" لطهران عوضا عن ظريف، فكانت جولاته في الدول العربية التي تشهد نفوذا إيرانيا واسعا، مثالا على السلوكيات المزعزعة للاستقرار، مما جلب العقوبات الدولية على بلاده.

ففي السادس من ديسمبر الماضي، ذهب سليماني إلى العراق لإقناع بعض الأحزاب لدعم تولي فالح الفياض القائد السابق للحشد الشعبي حقيبة وزارة الداخلية، في انتهاك سافر للسيادة العراقية.

وسبق ذلك زيارات سليماني إلى دمشق وربوعها، كما استقبلته ميليشيا الحوثي الموالية لإيران في صنعاء، وميليشيات حزب الله في بيروت.

كما كان سليماني عنوان فضيحة الفدية التاريخية التي دفعتها قطر لميليشيات إيرانية وعراقية متطرفة عام 2016 في مقابل الإفراج عن أعضاء بالأسرة الحاكمة، وذلك عبر خط ساخن بينه ووزير الخارجية القطري محمد عبد الرحمن آل ثاني دون أدنى اعتبار لممثل الدبلوماسية الإيرانية.

وكانت تقارير سابقة قد تحدثت عن تقديم ظريف استقالته في أكتوبر عام 2018، لكن روحاني رفضها نظرا للظروف الدقيقة التي يعيشها النظام جراء العقوبات الأميركية، بحسب عدد من المصادر المطلعة.

والاثنين، وصف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في تغريدة على "تويتر"، وزير الخارجية الإيراني المستقيل والرئيس الإيراني بأنهما "واجهتان لمافيا دينية فاسدة".

ويمثل الشرخ الحاصل في الإدارة الإيرانية إحدى تداعيات العقوبات الأميركية مع تزايد الغضب الشعبي ونزول مظاهرات حاشدة في جميع أنحاء البلاد تطالب بإسقاط نظام الملالي برمته، بعدما أدت سياساته إلى معاناة الشعب بسبب إهدار الثروات على حروب الوكالة في المنطقة وتطوير برامج نووية وصواريخ بالستية محظورة.

سكاي نيوز