أزمة جديدة تعصف بالمليشيات: سباق بين الأجنحة على القرار ونقص حاد في القيادة الوسطى
لا يخفى على أي متابع بصنعاء أن مليشيات الحوثي الانقلابية تمر بأزمة خطيرة منذ تسريب تحركات رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى "صالح الصماد" الذي لقى مصرعه بغارة لمقاتلات التحالف العربي وتعيين مهدي المشاط بدلًا عنه، أزمة تتجلى باحتدام الصراع بين جناحي الحوثيين محمد، وعبد الكريم، إضافة إلى انعدام القيادات الميدانية في الصف الأولى والثاني للمليشيا الانقلابية، بعد سقوط العشرات منهم بغارات لمقاتلات التحالف ومعارك مع القوات الحكومية.
فمنذ تعيين مهدي المشاط رئيسًا لما يسمى المجلس السياسي الأعلى، سلفاً للصريع صالح الصماد، وتصفية الجناح الموالي لهُ داخل الجماعة الانقلابية، تمر المليشيا بأزمة بدأت عند تعيين مدير المكتب التنفيذي للجماعة "عبد الكريم الحوثي" عضوًا في مجلس الشورى بتوجيهات من قائدهم، حيث دشن الأخير معركته مع جناح محمد علي الحوثي الذي يُعد المشاط أحد قياداته، معركة يتسابق فيها الجناحان للسيطرة على القرارات والنفوذ للتحكم بمصير الجماعة وإدارة مؤسسات الدولة في المحافظات الخاضعة لسيطرتها.
السباق على الصلاحيات
بعد حصوله على عضوية مجلس الشورى وجه خطابًا إلى مهدي المشاط طالبه بضرورة تعيينه رئيسًا لمجلسي الشورى والنواب، بعد دمجهما، رفض الأخير ذلك، فنشب خلاف بين الجانبين.
وحسب مصدر استخباراتي لـ "وكالة 2 ديسمبر"، نشب صراع داخلي بين أجنحة المليشيا عقب تولي المشاط رئاسة ما يسمى المجلس السياسي الأعلى، وتعيين مدير المكتب التنفيذي للمليشيا عبدالكريم الحوثي عضوًا بمجلس الشورى بتوجيهات من زعيم المليشيا المدعو "عبدالملك الحوثي"، مضيفًا أنه قبل أسبوع وجه عبدالكريم خطابًا إلى المشاط بتعيينه رئيسًا لمجلسي الشورى والنواب بعد دمجهما.
بعد ذلك الخطاب أدرك المشاط وجناح محمد علي الحوثي أن عبدالكريم بدأ سباقه للسيطرة على القرار في المليشيات، عبر تعيينه رئيسا للشورى، وقرر المواجهة.
وفق المصدر، عبدالكريم الحوثي يسعى للسيطرة على قرار المليشيات وفرض إجراءاته بحيث يكون هو رأس الحكم وليس المجلس السياسي، لماذا يريد ذلك؟ بحسب المصدر لأنه يعتبر المجلس السياسي مخترقًا من قبل موالين للشهيد الزعيم صالح.
كذلك، طالب عبدالكريم الحوثي في خطابه للمشاط بضرورة العودة إليه في حال اتخذ أي قرار لإقراره والموافقة عليه أو رفضه.
والواضح بعد نص خطاب الحوثي للمشاط، عجز الأول عن التحكم بإدارة شؤون المليشيات بعد سيطرة جناح محمد علي الحوثي على الحكم رغم رئاسته للمكتب التنفيذي فقرر الصعود إلى مجلس الشورى لينازع الأول الصلاحيات ويتحكم بجميع القرارات.
مرحلة جديدة من السباق
قال المصدر، لايزال المشاط يرفض حتى اليوم الاستجابة لمطالب الحوثي، رغم ما تلقاه من تهديدات مبطنة في حالة الرفض أو اتخاذ قرارات دون العودة إليه.
يعتبر المشاط المعركة سيطرة على القرار، وتقليص هامش صلاحياته لذلك لا يأبه لتهديدات عبد الكريم الحوثي. قالت مصادر استخباراتية أن الخلافات احتدمت بين الجانبين.
ومع استمرار الرفض، أصبح من المؤكد انتقالها إلى مواجهات مسلحة بين الجناحين وانتصار طرف على الآخر، ليحصل على طموحه وأهدافه.
أزمة جديدة تتزامن مع السباق على القرار
واللافت، ان ذلك السباق تزامن مع أزمة هي الأخرى خطيرة، إذ تعاني المليشيا الانقلابية نقصًا حادا في القيادات الميدانية من الصف الأول والقيادات الوسطى، بعد مصرع الكثير منها بغارات لمقاتلات التحالف العربي ومعارك مع قوات الشرعية والمقاومة الوطنية.
وأفادت ذات المصادر، أن خطورة الأزمة تكمن بعدم وجود بدائل لتغطية النقص الحاد لاسيما وأن الكثير من القيادات سقطت فجأة كأوراق الخريف بغارات ومعارك، ولم تكن المليشيا تتوقع ذلك، ما أدى إلى فراغ كبير على مستوى القيادات الميدانية والمشرفين لم تستطع تغطيتها.
وأكثر من ذلك، أن الأزمة لم تعد محصورةً في النقص، وامتدت إلى فشل عمليات التعبئة والتحشيد للتجنيد ورفد الجبهات، وبذلك تكن الأزمة أيضًا حتى على مستوى نقص الأفراد، خصوصًا وأن العشرات من عناصرها تسقط يوميًا في معارك جبهة الساحل الغربي مع قوات المقاومة الوطنية وألوية العمالقة، والمعارك التي تدور بمحافظة صعدة شمالي البلاد.
وسقطت العشرات من القيادات الحوثية خلال الشهر الماضي في المعارك التي تدور في جبهات محافظة صعدة، والبيضاء، والساحل الغربي، حيث تواصل المقاومة الوطنية التي يقودها نجل شقيق الرئيس الراحل العميد طارق صالح في الجبهة الأخيرة زحفها صوب محافظة الحديدة، وتمكنت من السيطرة على عديد مواقع استراتيجية بالإضافة ميناء الحيمة بمديرية التحيتا، فضلًا عن تكبيد المليشيا عشرات القتلى والجرحى بينهم قيادات ميدانية بارزة بينهم قائد فريق القناصة بصفوف المليشيا ومرافق القيادي الحوثي ‘‘ابو علي الحاكم’’.
والمؤكد بعد كل ما سبق، أن تصفية جناح الصماد بعد مصرع الأخير بغارة لمقاتلات التحالف عبر تسريب إحداثيات تحركاته، كان نهاية لفصل صراع ماضي داخل أجنحة الجماعة الحوثية، وبداية لصراع جديد أكثر خطورة من سابقة، إذ يختلف الجناح الجديد الذي انضم إلى حلبة الصراع مع جناح محمد علي الحوثي، عن جناح الصماد، فالجناح الجديد يملك قوة ونفوذا يوازي إن لم يتجاوز قوة جناح محمد علي الحوثي، بما سيمكنه القدرة على منازلة المشاط.
والمؤكد كذلك، أن الأزمة الجديدة تهدد بقوة تماسك ميليشيات الحوثية على المستويين الأعلى، والميداني ما يجعل انهيارها أقرب من أي وقت مضى.