تظل مديرية (حيس) جنوب الحديدة، مهبط المعاناة الكبرى في محافظة الحديدة، والمكان المُستباح من قبل المليشيات الحوثية بضراوة.. لم يستثنِ الظلم الحوثي أحداً من سكان حيس، ولم تدعهم جائحة الانقلاب بعيداً عن الجرائم المتفاقمة، خاصة خلال العام الماضي (2018)، الذي شهد موجةً من العنف الحوثي ضد الأبرياء حصد عشرات الأرواح ناهيك عن جرحى كُثر، ودمار يكاد يعم مركز المديرية.

 

وبناء على معلومات رصدها حقوقيون في مدينة حيس، ثبت أن رصاص وقذائف المليشيات الكهنوتية وألغامها، أسفرت عن مقتل 28طفلاً خلال العام المنصرم، تنوعت طرق قتلهم بين عمليات القنص المباشر ورصاص الأسلحة الرشاشة والتعرض لمقذوفات ومتفجرات حوثية في مناطق مختلفة بالمدينة.

 

ويقول أحد الراصدين في المدينة متحدثاً لــ "وكالة 2 ديسمبر" مفضلاً عدم الكشف عن اسمه: "معالم الموت لم تنجلِ عن المدينة، يومياً الكل يترقب سقوط قذائف الحوثيين، أو تسلل رصاصات قناصتهم إلى أجساد بريئة". يضيف "مساء اليوم سقطت قذيفتان في المدينة، ونجا ثلاثة مدنيين منها بأعجوبة". مستدركاً بحسرة "لكن القذيفتين دمرتا المنزل كلياً، وأضطر ساكنوه للرحيل".

 

من الصعب نقل صورة المعاناة التي يعيشها أبناء حيس هنا في التقرير، كما هي في الواقع، لقد كان المشهد موحشاً عندما زار محرر الوكالة المدينة وتجول لساعتين في أزقتها وشوارعها، بين اللحظة والأخرى يسمع صوت انفجار قذائف، يهرع السكان إلى الخارج ويعودون ثم تأتي قذيفة أخرى وهكذا دواليك؛ إن المدينة مسكونة بالموت فعلاً‘‘.

 

وتضيف المعلومات، أن 96طفلاً آخرين أصيبوا في المدينة ذاتها خلال العام الماضي؛ كما بلغ عدد المصابين من البالغين 147مدنيا، أغلبهم نساء، فيما قتل 36من البالغين في ذات الفترة؛ كما أن أكثر من 80من المصابين تعرضوا لإعاقات ومنهم من تعرض لإعاقة دائمة نتاج الإصابات البليغة.

 

ويقول أحد المدنيين لمراسل "وكالة 2 ديسمبر" في مداخلة عرضية في الشارع المؤدي إلى المدينة عبر الخط الواصل إلى مديرية الخوخة "متعودين على الموت، نتوقع في أي وقت نموت "القذائف والرصاص تسقط يومياً على منازلنا، نحن لا نخاف". وبعد مضي فريق الوكالة ببضع خطوات استدرك مسن "أنا أيضاً قتلوا اثنين من عيالي وابن بنتي وابن أخي مصاب". أحاديث لم تعد تثير البكاء في نفوس أبناء حيس لهول الكوارث والفظائع التي طالتهم بأيدي المليشيات، وهنالك يبدو أن كل نفس وفيها غصة من المليشيات الكهنوتية، وداخل كل منزل قصة محزنة ضرجت تراب المدينة بالدماء.

 

وتعرض مستشفى حيس لدمار واسع أفقده قدرته المعتادة في التعامل مع الحالات المرضية وأجهض العمل الصحي فيه، إلا أن إسعافات أولية يجريها أطباء متطوعون في غرف مدمرة يظهر عليها آثار الدمار في النوافذ والسطوح المفككة، كما يروي مراسل الوكالة عند عودته من المدينة.

 

وأسفر القصف الحوثي بحسب معلومات دقيقة عن تدمير 320 منزلاً في العام الماضي، إضافة إلى 6مساجد تدمرت بشكل جزئي وكلي، وخمس مدارس دمرت في مركز المديرية، عوضاً عن 40مدرسة أخرى في ريف المديرية، إما تعرضت للدمار أو أوقف التعليم فيها وتمترس فيها عناصر المليشيات وخزنوا أسلحتهم.

 

وتبياناً لما قاله مصدر مطلع في مكتب الصحة بالمديرية، فإن 14وحدة صحية توقفت عن العمل في عموم المديرية وأحيلت إلى ثكنات عسكرية يتجمع فيها عناصر الانقلاب ويخزنون فيها أسلحتهم، ناهيك عن 40مزرعةً طرد الحوثيون الإرهابيون مزارعيها واستغلوها في أغراض عسكرية، كما أن بعضها أحرقت بشكل متعمد.

 

ويشكو أبناء المديرية من حصار مطبق تفرضه عليهم مليشيات الكهنوت المسيطرة على الجبال والمناطق المحيطة بمركز المديرية، حيث لغمت الجماعة الكهنوتية كل الطرق المؤدية إلى المديريات المجاورة والأخرى الرابط بين ريف ومدينة حيس، ما عدا الطريق الواصل بين حيس والخوخة والذي تؤمنه القوات المشتركة بمعية القوات السودانية ويستخدمه المدنيون في التنقل يومياً.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية