يصطف مجموعة من المواطنين في طوابير طويلة منذ ساعات الصباح الباكر أمام مركز لتوزيع الغاز المنزلي في شارع القاهرة بصنعاء أملا في الحصول على أسطوانة غاز بعد قيام مليشيات الحوثي بإخفائها وتوزيعها وفق هواها لتصبح طوابير الانتظار شاهدا على معاناة المواطنين اليومية.

 

من بين الحاضرين، نساء وشيوخ في العقد السابع من العمر، وأطفال كان يفترض بهم الذهاب إلى المدارس بدلا من الوقوف في هذه الطوابير المملة، وبعضهم أمضى أياما بلياليها من أجل الحصول على أسطوانة غاز بسعر مناسب.

 

كانت وجوه الحاضرين تبعث عن الألم جراء معاناة شديدة الوطأة يكابدونها يوميا، كما هي شاهد حي على إجرام ممنهج تمارسه المليشيات السلالية بحق المدنيين دون رحمة.

 

منذ سيطرتها على السلطة أصبح انعدام المواد التموينية واحدة من مأسي الحرمان التي تعانيها الأسر اليمنية، وكانت مسألة توفير احتياجاتها اليومية من المشتقات النفطية والغازية أكثر هذه المسائل صعوبة في الحصول عليها.

 

فالمليشيات الكهنوتية التي تعرف شعبيا بعصابة القتل والسرقة ابتكرت طرقا عدة للحصول على المال بهدف تمويل مشاريعها التخريبية.

 

وكانت المشتقات النفطية مع ما تمثله من أهمية في حياة المدنيين واحدة من أدوات السرقة، فكان لها أن أخفتها من محطات البيع الرسمية لتعرضها في الأسوق السوداء بمبالغ باهظة مما جعلها تجني مليارات الريالات خلال العامين الماضيين، الأمر فتح شهيتها في السرقة بشكل أكبر وبأساليب أكثر وقاحة.

 

بيد أن هذه المرة توسعت لتبدو أشبه بعملية لف الحبال على رقاب المدنيين بعد أن وضعت المليشيات الكهنوتية معايير جديدة للراغبين في الحصول على غاز الطهي.

 

من بينها إرسال مقاتلين إلى جبهات القتال أو دفع أموال بشكل دوري لما يسمى بالمجهود الحربي أو أن تلتزم تلك الأسر المشاركة بصورة دائمة في كل الاحتفالات السياسية والدينية التي تنظمها الحركة مقابل الرضى عنها وتزويدها بما تحتاج من الغاز المنزلي.

 

كل الخيارات كانت ذات طابع إجرامي وتحمل أبعادا وقحة، فليس من المنطق أن تضحي الأسرة بأحد أفرادها مقابل أن تحصل على أسطوانة غاز يكفيها بالكاد للطهي لأقل من شهر.

 

كما أن دعم المجهود الحربي لأسر أُنهكت اقتصاديا وتعيش أجواء غاية في البؤس منذ ثلاث سنوات ونصف هو أيضا معيار إرهابي يدمر أمل الأسر بالحياة بصورة كريمة.

 

واجهت الخيارات المليشاوية رفضا شعبيا فكان لها أن حرمتهم من الغاز مرة أخرى ووزعت أسطواناته على أحياء تدين لها بالولاء، فيما أبقت للأسر التي لا تتمنى وجودها أصلا خيار الحصول عليها من السوق السوداء مع ما يمثله ذلك من دفع مبالغ هائلة.

 

ولهذه العملية تداعيات كارثية محتملة على حياة الأسر، فالحرمان من الطعام وما يؤدي إلى إنضاجه هو حرمان من الحياة كما أنه تصرف معادٍ للحق بالوجود في هذه الحياة.

 

ستتحمل المليشيات الكهنوتية وزر هذه الجرائم وصمت الشعب عنها لن يكون طويلا وساعة الانتقام ستدنو في لحظة قريبة.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية