لم يكن الحوثي قد أعاد ترميم معسكراته السرية التي ضربتها أمريكا ولم يكن يعلم بها إلا قيادة الحوثي والجيش الأمريكي، حتى داهمته الضربات الإسرائيلية التي أصابته كالصاعقة، فهي أيضًا ضربت وفق معلومات لا تعلمها إلا قيادات الحوثي وأجهزة أمريكا وإسرائيل.

الحوثي أعتاد على حربه المدعومة إيرانيًا ضد اليمنيين، وهي حروب كان ميدانها دائمًا مناطق الشرعية.

وكان ذلك يمنحه تفوقًا مبدئيًا؛ فهو يقاتل في اليمن خارج سيطرته، بعيدًا عن بنيته اللوجستية، وهذا يخدم أطماعه بأنه يُعد لدولة وحكومة وتغيير جذري وما إلى ذلك.

لكن في أول مواجهاته مع الخارج في المناطق المنكوبة بسيطرته، انطبق عليه المثل "أسد علي وفي الحروب نعامة"، حيث تصدعت كل ادعاءاته فقصفت معسكراته الخاصة وقُتل رئيس جيشه الحقيقي محمد الغماري، وحوصرت موارده وانكشفت بنيته وصراعاتها.

واليوم، مع تعيينه ليوسف المداني وإعادة نفوذه إلى صنعاء للمرة الأولى منذ الإعلان الدستوري الانقلابي في 2014، يتخلى الحوثي عن شعار "الدولة" ويعود إلى بنية "الجماعة".
وتتفجر صراعات أجهزته المخابراتية والسياسية وكل جهاز يعتقل الموالين للجهاز الآخر.
ويبدأ "المداني" عهده بتهديد "الرزامي" وكل من يسميهم "الطامعين في مناصب إخوانهم"، وتطلق يد "علي حسين الحوثي" باعتبار أن "صراعات عبدالكريم الحوثي وعبدالحكيم الخيواني" وصراعات "مهدي المشاط ومحمد علي وأحمد حامد" ساهمت في اختراقات العدو.

يعيش الحوثي اليوم حالة فزع كبرى، ويرى "المداني" أن الحل، وساطة عُمانية تضمن أدبهم لأمريكا وإسرائيل، مقابل فتح حرب صغيرة ضد اليمنيين يشغل بها جماعته ويعيد ترتيب تماسكها.

ولكنه غير واثق من قدرة الجماعة على الحرب، لذا يناقشون خيار حروب بديلة في مناطق الشرعية، تقوم بها جماعات إرهابية يتم تجميعها بلافتات مناطقية متضاربة.

وحتى يتأكدون من قدرتهم سيستمرون في اعتقالات الداخل وتبديل القيادات، والتخلي أكثر وأكثر عن فكرة "الدولة" التي تبين لهم عجزهم عن إقامتها، فهم حتى اليوم عاجزين عن تشكيل حكومة مأمونة لادعاء كهذا.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية