قبل اثنين وستين عامًا، تحديدًا في مثل هذا اليوم، الـ14 من أكتوبر الأغر، انطلقت من جبال ردفان أولى شرارات ثورة 14 أكتوبر المجيدة، ليكتب اليمن صفحة خالدة في سجل الحرية، على جبهتين متوازيتين، بدأت الأولى قبل عامٍ واحدٍ فقط ضد الحكم الإمامي في شمال الوطن وجاء الـ14 من أكتوبر مكملًا لمشروع الحرية والتخلص من الاستبداد والاستعمار معًا.

كانت ثورة أكتوبر، منذ فجرها الأول، نداءً مدويًا ضد القيد بكل أشكاله، ورفضًا قاطعًا لهيمنة الخارج على القرار الوطني، وإصرارًا حرًا لا يتزعزع على رفض وصاية الغير.. واليوم، بعد اثنين وستين عامًا، تتجدد روح أكتوبر في معركة اليمنيين الفاصلة مع استعمار جديد، قادم بثوبٍ مذهبي زائف، وبمشروعٍ توسعي إيراني خبيث يحمل راية "الولاية"، ممثلاً بمليشيا الحوثي الإرهابية التي آمنت برهن اليمن كله لإيران وتحويله إلى منصة عدوان تخدم أجندة طهران التخريبية.

إن نضالات اليمنيين اليوم هي امتداد أصيل لمعركة التحرر ذاتها التي أشعلها الأجداد، صراع وجودي بين إرادة وطنية جامعة تسعى لاستعادة الدولة وهويتها، ومشروعٍ خارجي دخيل يستهدف تجريد اليمن من هويته وانتمائه العربي؛ وما بين الأمس واليوم، يقف اليمنيون على خط واحد من الوعي الراسخ والمقاومة الباسلة، حتى لا يتحول وطنهم إلى مستعمرة جديدة أو ساحة خلفية ضمن خارطة النفوذ الإيراني الفوضوية.

على الرغم من مضي ستة عقودٍ على هذه المحطة الوطنية الخالدة، فإنها ما تزال تضيء طريق الكفاح الوطني وتغذي وعي الشعب في معركته مع فلول التبعية؛ وإذا كانت معركة الأمس ضد مستعمِر أجنبي يحتل الأرض، فإن معركة اليوم هي ضد احتلال لا يقل خطورة، يستهدف العقل والهوية قبل الجغرافيا، ويسعى إلى فرض نموذج ولاية الفقيه على شعب آمن بتاريخه وجمهوريته.

أمام مسؤوليات وطنية وتاريخية وإنسانية، يقف اليمنيون اليوم بكل مشاربهم وانتماءاتهم السياسية لاستعادة الدولة من براثن المليشيا الحوثية، وهذا هو الوفاء الحقيقي لثوار أكتوبر وسبتمبر الأحرار، وهو الضمانة الوحيدة لمستقبلٍ يمني حر ومستقر، يكون فيه القرار للشعب وحده على قاعدة العدالة والحرية والكرامة والمساواة.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية