عبدالناصر المملوح يكتب: فعلًا إسرائيل لم تحقق هدفًا موجعًا لمليشيا الحوثي
بوقاحتها المعهودة، سارعت مليشيا الحوثي الإيرانية إلى ملاحقة أعمدة الدخان المتصاعد في أكثر من مكان، زاعمةً أن دفاعاتها الجوية تصدت لطائرات الكيان الصهيوني وأجبرتها على مغادرة أجواء العاصمة المختطفة صنعاء.
لكن المهزلة لم تتوقف عند هذا الحد؛ فبعد دقائق، ومع كثافة الدخان ودوي الانفجارات التي سمعها كل سكان العاصمة المختطفة، عادت المليشيا لتقر بوقوع القصف واستهداف عدة مواقع، غير أنها أصرت على أن الضربات "فشلت فشلًا ذريعًا" ولم تحقق أهدافها، وذلك على لسان رئيس ما يسمى "المجلس السياسي الأعلى" المدعو مهدي المشاط.
وفي هذا السياق، يمكن القول؛ إن المليشيا تعي ما تقول، فكل الضحايا- من رئيس ووزراء حكومتها غير المعترف بها- ليسوا سوى أدوات رخيصة.
والمغزى واضح، طالما لم يطَل القصف أعضاء "المجلس الجهادي" أو خبراء الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، فإن ما دونهم لا يستحق الاعتراف بالخسارة، رغم أن الضربات في حقيقتها كانت مؤلمة.
ولا شك أن الكيان الصهيوني يتفق مع المليشيا في هذا التصور؛ فهو يدرك أن رئيس وزراء وأعضاء حكومة الحوثي لا يشكلون وزنًا لدى نظام ملالي طهران، لكنه لم يجد في بنك أهدافه سوى هذه الورقة، مكتفيًا بإرسال رسالة مفادها أن ملف الحوثيين بات مدرجًا على طاولته، وأن جهاز "الموساد" بدأ عملية اختراق المليشيا بالاستراتيجية نفسها التي استخدمها لاختراق منظومة طهران وأدواتها في لبنان وسوريا والعراق.
فالموساد يعرف جيدًا زبائنه داخل الحرس الثوري وأذرعه خارج إيران، ولا يمنح أي وزن لأي شخصية مهما علا شأنها إن لم تكن ضمن الدائرة الضيقة لصناعة القرار. ففي إيران مثلًا، ما كان له أن يحدد مواقع إسماعيل قآني أو حسن سلامي ومعظم قادة الصف الأول، أو أن يصل إلى عشرات العلماء النوويين، لولا وجود عملاء داخل الحلقة الأكثر قربًا من صناعة القرار.
وفي لبنان أيضًا، لم يكن لأي من ميشال عون أو وليد جنبلاط أو غيرهم من القيادات السياسية أن يقودوا إلى مخابئ حسن نصر الله وقيادات الصف الأول؛ وحدهم أعضاء الدائرة السرية لحزب الله والمقربين من حسن نصر الله كانوا رهان الاحتلال الإسرائيلي ولم يخذلوه بتسليم رأس حسن نصر الله وقيادات الصف الأول.
وفي اليمن، الأمر لا يختلف كثيرًا؛ فمهما علا شأن القيادات السياسية والعسكرية والأمنية والشخصيات الاجتماعية في صنعاء، فإنها لا تشكل مصدر بنك أهداف حقيقيًا لاستخبارات الكيان الصهيوني، ما لم تكن من بين القيادات الحوثية النافذة داخل الدائرة الضيقة لصناعة القرار.