منذ انقلابها على الدولة، عملت مليشيا الحوثي الإرهابية على إحكام سيطرتها على القضاء وتفكيك منظومته القانونية في المناطق الرازحة تحت سيطرتها، عبر إحلال مشرفيها العقائديين مكان الكفاءات القضائية، وتحويل هذا السلك لخدمة أهدافها ومشروعها الطائفي.

وبإخضاعها القضاء لهيمنتها الكاملة، شرعنت المليشيا حملات ملاحقة رؤوس الأموال، والتصفية الممنهجة للمعارضين، وإصدار أوامر الإعدام بحقهم، وإضفاء الطابع السياسي والطائفي على قراراته، ليغدو أداة للقمع والتنكيل بكل من يقف في وجهها.


- أداة سياسية بيد المليشيا

حوّلت مليشيا الحوثي القضاء من ملاذ آمن لتحقيق العدالة والإنصاف إلى أداة لشرعنة جرائمها وانتهاكاتها بحق أبناء الشعب اليمني.

في هذا السياق، يقول الخبير القانوني أمين الخديري؛ إن القضاء في مناطق سيطرة الحوثيين أصبح أداة سياسية بيد المليشيا؛ إذ يعمل القضاة تحت ضغط متواصل، ويتعرض بعضهم للاعتقال والتهديد والإقصاء القسري، ما يحرمهم من أداء مهامهم باستقلالية وحرية.

يضيف الخديري أن المليشيا، منذ سيطرتها على صنعاء، تسير بخطى متسارعة نحو تدمير القضاء ومؤسساته، حيث بات مشرفوها هم من يصدر الأحكام والقرارات وفق أجندتهم السياسية الضيقة.

- شلل العدالة

وأوضح الخبير القانوني أن العديد من الأحكام القضائية تصدر بتوجيه مباشر من القيادات العليا للمليشيا، الأمر الذي أصاب منظومة العدالة بالشلل وأفقد الشارع ثقته بالنظام القضائي.

وأشار إلى أن المناصب القضائية باتت حكرًا على عناصر المليشيا، فيما تحول معهد القضاء في صنعاء إلى أداة لتخريج قضاة موالين لها فقط، بما يضمن استبعاد أي شخص غير موالٍ من تولي المناصب القضائية في العاصمة المختطفة.

الخديري أوضح أن المليشيا أسست ما يُعرف بـ"وكلاء الشريعة"، وهي مؤسسة تابعة لها تعمل كبديل لنقابة المحامين، بهدف تعطيل عملها وإخضاع المحامين لسيطرتها.

ولفت إلى أن القضاء تحول إلى أداة إرهاب تستخدمها المليشيا لقمع معارضيها، مشيرًا إلى العشرات من أوامر الإعدام التي صدرت بحق شخصيات يمنية بارزة، كان آخرها أمر الإعدام بحق السفير أحمد علي عبدالله صالح.

- قضاء بدون عدالة

لم تقتصر أفعال المليشيا على تعطيل العدالة في المؤسسات القضائية بمناطق سيطرتها فحسب، بل شكلت كابوسًا موحشًا للمواطنين، حيث استُخدم القضاء ذريعة للاختطاف والإخفاء القسري والتنكيل والقتل، وإصدار أحكام باطلة بحق اليمنيين.

في سبتمبر 2024، أقدمت مليشيا الحوثي الإرهابية على إصدار "مشروع تعديل قانون السلطة القضائية"، وهو انتهاك صارخ للعدالة والقوانين اليمنية والدولية، ونسف لمبدأ استقلالية القضاء المكفول دستوريًا، بما يتيح لها السيطرة الكاملة على السلطة القضائية وربط قراراتها بزعيمها الإرهابي، عبدالملك الحوثي.

ووصف نادي قضاة اليمن مشروع التعديل بأنه "مذبحة وانقلاب قضائي يمس بحجية الحكم الدستوري"، معتبرًا إياه جريمة مستقلة تستهدف القضاء نفسه.

واعتبر النادي حينها أن انقلاب المليشيا القضائي طال جميع المهن القانونية والقضائية، وعصف بقيم التماسك والمشاركة والعدالة، وقدمها قربانًا لإعادة نظام "القاضي الرقعة" الذي كان معمولًا به في النظام الإمامي، ما أدى إلى نسف رسالة القضاء المستقل ودوره في حماية المحاماة.

ويؤكد قضاة ومحامون أن هدف المليشيا من هذا القرار كان تطهير السلك القضائي من القضاة النزهاء واستبدالهم بعناصر موالية لها في كافة مفاصل السلطة القضائية.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية