في واحدة من أبرز العمليات النوعية التي كشفت خفايا تبعية مليشيا الحوثي للنظام الإيراني، أعلنت المقاومة الوطنية اليمنية في الساحل الغربي عن إحباط محاولة تهريب ضخمة لشحنة أسلحة ومعدات حربية نوعية قُدّرت بحوالي 750 طنًا، كانت في طريقها للحوثيين عبر البحر الأحمر.

ضربة أمنية.. ورسائل استراتيجية

العملية التي نفذتها بحرية المقاومة وشعبة الاستخبارات لم تكن مجرد نجاح عسكري أو أمني عابر، بل مثلت ضربة استراتيجية موجعة، إذ كشفت حجم التورط الإيراني المباشر في دعم الحوثيين لقتل اليمنيين والقرصنة على الملاحة وزعزعة استقرار المنطقة واستهداف الأمن والسلم الدوليين، وفضحت زيف الادعاءات التي طالما روّجت لها المليشيا بشأن "قدراتها التصنيعية"، والتي اتضح أنها ليست سوى وهم مصنّع إيرانيًا، يُعاد تغليفه في اليمن وتقديمه للرأي العام على أنه إنجاز ذاتي.

فالشحنة التي تم اعتراضها كانت بمثابة "معمل حرب متنقل"، احتوت على طائرات مسيّرة مفككة، وصواريخ مجزأة، وكتالوجات إرشادية بالفارسية، بالإضافة إلى أدوات التجميع الدقيقة، ومفاتيح الربط، وكأنما أُعدّت وفق "مقررات محو الأمية العسكرية"، خصيصًا لمأجوري طهران في اليمن.

تفكيك سردية "الصناعة المحلية"

ما يثير السخرية السوداء أن مليشيا الحوثي طالما استعرضت هذه المعدات ذاتها في مهرجاناتها وشاشاتها، باعتبارها "صناعات يمنية خالصة"، متجاهلة -بوقاحة- الأرقام التسلسلية الإيرانية، والتعليمات المرفقة، واللغة الفارسية التي كُتبت بها كتالوجات الاستخدام.

والأدهى من ذلك أن إيران لم تكتفِ بتهريب العتاد، بل أرسلت قبل ذلك خبراء متخصصين،  يتم تهريبهم سرًا، لتركيب هذه المعدات وتدريب كوادر المليشيا على استخدامها، في تكرار لمشهد الحرب بالوكالة، وتمكين أدواتها في المنطقة.

من طهران إلى مرّان.. أسماء للتضليل

عمليات التمويه تجاوزت شكل الشحنات إلى تسميات الأسلحة؛ فصاروخ "خيبر شكن" مثلاً أصبح اسمه "فلسطين 2" لدى الحوثيين، وصاروخ "غدير" تحول إلى "باب المندب 2"... وهكذا دواليك، في مشهد تضليلي يهدف إلى إضفاء طابع قُدسي أو وطني على أدوات القتل والدمار المستوردة من طهران.

هذه التسميات ليست عشوائية، بل تعكس استراتيجية إيرانية مزدوجة: 
من جهة، تحصين الوكلاء المحليين بخطاب دعائي يخاطب العاطفة الدينية والقومية. 
ومن جهة أخرى، التملص من المسؤولية القانونية أمام المجتمع الدولي، عبر وكلاء يديرون العمليات نيابة عنها، دون أن يترتب على ذلك تداعيات تطول إيران، وليس مهمًّا أن تكون تبعات القبح الإيراني على اليمن.

إسقاط الوهم.. وتعزيز الثقة

ما فعلته المقاومة الوطنية في هذه العملية لا يقتصر على إحباط شحنة تهريب، بل يتجاوزها إلى إسقاط سردية كاملة لطالما اعتمدت عليها مليشيا الحوثي في تعبئة أتباعها، وطمأنة مموليها، وابتزاز اليمنيين.

لقد تمكّنت العملية من نزع قناع "القدرة الذاتية" وفضح حقيقة الاعتماد الكامل على الدعم الخارجي الإيراني، تقنيًا ولوجستيًا واستخباراتيًا.

والأهم من ذلك أنها عززت ثقة الداخل والخارج بقدرة قوات المقاومة الوطنية على التصدي لأكبر التهديدات، وأكدت أن إيران ليست بعيدة عن المحاسبة، وأن أذرعها مكشوفة، وأن مشروعها التخريبي في اليمن ليس قدرًا لا مفر منه.

ليس استثناءً.. بل حلقة في سلسلة

العملية 750 ليست الأولى، لكنها الأكثر دلالة؛ إذ سبقتها عمليات أخرى نجحت فيها القوات البحرية وخفر السواحل التابعة للمقاومة في اعتراض شحنات من الصواريخ والطائرات المسيّرة، وأخرى تحمل حشيشًا ومخدرات تُستخدم في تعبئة مقاتلي الحوثي ذهنيًا وسلوكيًا، وصولًا إلى شحنة "3 ملايين صاعق تفجير" و"آلاف الكيلومترات من أسلاك التفجير".

جميعها تؤكد أن طهران ترسل الموت لليمنيين في صناديق مغلّفة، لا تختلف كثيرًا عن تلك التي صدّرتها في العراق ولبنان وسوريا.

معركة السيادة مستمرة

ما تقوم به المقاومة الوطنية في الساحل الغربي هو دفاع مشروع عن الكرامة والسيادة والحق، وليس بحثًا عن ترند إعلامي أو مكسب سياسي. 
إنها معركة وعي وطني والتزام أخلاقي وقيم إنسانية قبل أن تكون معركة سلاح. 
وهي عملية تأكيد أن اليمنيين قادرون على فضح الخداع، وإحباط التآمر، وردع الشر،  ومواجهة أدوات المشروع الإيراني مهما تغيّرت أشكالها ومسمياتها.

معركة وطنية وإقليمية وإنسانية

إن المعركة اليوم تتجاوز حدود اليمن، وتمتد إلى صميم الأمن الإقليمي والدولي. فكل دعم يقدمه الأشقاء، وكل كلمة يُدلي بها الأحرار في الداخل والخارج، هي جزء من هذه المواجهة، التي تخوضها المقاومة - نيابةً عن كل مُستهدف - في وجه التطرّف والطائفية والعدوان الإيراني.

رسائل على هامش الإنجاز:

إلى طهران: 
أدواتكم مكشوفة، وأساليبكم مفضوحة، وكل شحنة قبح ترسلونها سنكون لها بالمرصاد.

إلى المأجور عبدالملك الحوثي: 
حجمك معروف، ونهايتك محسومة، واليمن ليس ملعبًا لأوهامك ولا منصة لأحقاد سادتك.

إلى المترددين والمشككين والصامتين: 
التردد في الحق ضعف، والتشكيك بإنجازات الأبطال خيانة وانحراف، والحياد في معركة الخير والشر خيانة، والصمت عن جرائم الحوثي مشاركة في إثمها.

إلى أبطال المقاومة: 
أنتم المعنى الحقيقي لكل إنجاز يحمي اليمن، بكم تُصنع الانتصارات، وبكم تتحصن السيادة ويُبنى المستقبل.

إلى أبطال اليمن في كل جبهات المواجهة:
كل إنجاز يتحقق هو وسام شرف لكل مترس جمهوري أينما كان، ومعركة تحرير اليمن قائمة وأنتم أهل لخوضها بكل وسائل المواجهة.

إلى كُل من يقرأ ويسمع ويتابع رسائلنا:
لن تجف الصحف، ولن تُرفع الأقلام، ولن تسكت البنادق، حتى نستعيد الحق،  وندحر المأجورين، ونحقق السلام الكامل والشامل والعادل والمستدام.
تحيا الجمهورية اليمنية...

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية