نهاية الأكذوبة: إيران بلا قدس.. بلا كرامة.. بلا وجه
انتهت الحرب بين إيران والكيان الإسرائيلي، لكن الأكذوبة التي استمرت عقودًا لم تنتهِ بعد؛ أكذوبة "محور المقاومة" المزعوم، واجهة المشروع التوسعي الطائفي المقيت والطاعن في خاصرة الأمة.
انتهت الحرب الخاطفة التي مثّلت أول مواجهة مباشرة لمشروع إيران الصفوي خارج دائرة إضعاف العرب والمسلمين، منذ أكثر من ألف عام.
نعم، انتهت، لكنها انتهت كما بدأت: بلا قدس تحررت، بلا غزة انتصرت، بلا محاور نطقت، بلا كرامة حُفظت. وإيران خَرَسَت.
نعم، برز ضعف منظومة الردع والدفاع لدى الكيان الإسرائيلي أثناء المواجهة، لكن ذلك لم يكن جديدًا؛ فقد كشفت هذا الضعف وهذه الهشاشة حجارة الأطفال وصمود الفلسطينيين منذ عقود. أما الذي استوقف الجميع، فهو خذلان "المحور" لشعاراته، وتخلّيه عن جمهوره، وعن فلسطين ذاتها.
ضُربت إيران في قلبها، مُرّغت كرامتها، اغتيل علماؤها، قُتل قادتها، ودُكّت منشآتها كما يُقصف الهشيم، فلم تُحرّك إلا صواريخ لحفظ ماء وجهٍ مهشّم؛ لم تردع، ولم تداوِ، ولم تُصوّن.
وأين فلسطين؟ غابت، لم تُذكر في خطاب، ولا وردت كشرط في تفاوض، ولا كانت حتى في نية الرد. غزة، المحاصرة تحت الرماد، لم تجد مكانًا حتى في هامش خطاباتهم وبياناتهم.
هذا هو "محور المقاومة" المزعوم حين يُختبر: ينحني ويركع، يهتف لنفسه، يحتفل بهزيمته، ويخادع أتباعه بـ"نصر وهمي" لا يصدّقه إلا المغفّلون، أو الواهمون، أو أولئك الذين يصدّقون كل كذبة تُغلّف بشعار.
نعم، انتهت الحرب، وسقط القناع، وسقطت معه الشعارات الزائفة والعنتريات الكاذبة، وظهر المشروع كما هو: مذهب سياسي لا مقاومة، مشروع توسّعي لا مبدأ، هوس بالهيبة لا كرامة، ابتزاز للأمة لا نصرة لها.
ومن كان ينتظر أن تمحو إيران الكيان من الخارطة، أو تنتصر لغزة، فليبحث عن الخارطة التي محاها الوهم من عقله. ومن صدّق أن مليشيات الحوثي الإرهابية، أداة إيران في صنعاء، تقاتل لأجل غزة، فليسأل: كم قتلت من أبناء شعبنا؟ وكم قتلت من الإسرائيليين؟ ومن الذي يوجّهها؟ ولأي أهداف تُستخدم؟ وكيف تُسخّر كورقة تفاوض نيابةً عن طهران، لا دفاعًا عن غزة؟
الخذلان ليس في طبيعة الرد؛ بل فيما لم يُذكر أصلًا: غزة.. الدم.. الشهداء.. القدس.. فلسطين. سقطت من خطاباتهم، لأنها لم تكن يومًا في حساباتهم.
والآن: على كل من خُدع أن يصحو، فقد انتهت الحرب، وانتهى معها الوهم، وسقطت إيران مجردة، مهزومة، ومكشوفة.
لا أحد يخذل فلسطين أكثر ممن حوّلها إلى مشروع تجارة، وشعارٍ بلا نية، وقضيةٍ بلا التزام. وقد آن للوعي العربي والإسلامي أن يتحرر من عباءة الكذب والزيف الإيراني، قبل أن يفكّر في تحرير فلسطين نفسها.