صدمة كبيرة أذهلتها وهي ترى حلمها يتبخر بكل شراسة لم تعهدها من أعدائها من قبل، حُلم عقدين وسياسة عدائية ومشاريع تدمير صنعتها في محيطها حتى بدت عدوة للجميع.

ما زال الخيار بشأنها غير مكتمل، ولم يحسم ردعها بشكل كاف، ولم تكشف النوايا بخصوص إنهاء هذا المسار، وما زالت التوقعات غير مكشوفة، هل ستتلقى صفعات أكثر من ذلك؟ هل سيقوض النظام أعمق حتى تفكيكه؟ ما زالت إيران مذهولة من هول ما وقع، وما زالت المخاوف تحاصرها، هل ستترك وشأنها إلى هذا الحد، أم ستتجاوز طموحات الكيان وواشنطن ما هو أبعد من ذلك؟

خسرت طهران الكثير من ترسانتها العسكرية والنووية، وعليها المبادرة بطرح مقترحات تعوق تهورات خصومها وتحجب شراهتهم في إضعافها أكثر، عليها أن تقدم نفسها بشكل أكثر عقلانية ورضوخًا وشروعًا في قبول السلام، وبتر حبل الاجتثاث الذي سينالها إن هي تمادت في فتح حرب طويلة المدى أو أبدت مراوغتها ومخاتلتها لتمنح العدو ذريعة لاستهداف ما تبقى من نقاط قوتها.

عليها أن تنتهز الفرصة وتتخلى عن حمقها سياسيًا وعسكريًا وتعلن قبولها بمفاوضات عاجلة تحت أي سقف لتتفادى الغرق في مستنقع الحرب أكثر، عليها الكف عن التلويح بتهديدات أخرى تزعزع كيانها الداخلي وأمن المنطقة ومصالح الغرب فيها، عليها إدراك موقفها الضعيف وقوتها المترهلة في اللحظة الراهنة، وأن تصون ما تبقى لها من كرامة قبل أن تسحق بلا رحمة.

إذا مضت إيران في غيها فهي حمقاء حقاً؛ كونها لم تدرك فقدان هيبتها وحلمها من جانب، وخسارة ترسانتها الصاروخية وقياداتها العسكرية من جانب آخر، كونها تمر بمرحلة ضعف واختراق شديدين، وموازين القوة غير متكافئة، وليس من صالحها المكابرة في الحرب، واللجوء لخيارات خارج نطاقها الجغرافي واستعمال الخيارات الاستراتيجية في البحر الأحمر ومضيق هرمز، لحظتها ستجلب لها دمارًا لن تقدر على تحمله.

إنها الآن منكسرة محطمة مبتورة القوة، مجرد ذبيح يرتجف قبيل شهقته الأخيرة، فلا يجب عليها تعجيل منيتها، فأمامها خياران: إما التراجع أو الانتحار،  لقد دفعت ثمن الخراب الذي كرسته في أكثر من بلد، ونصبت من نفسها خصمًا للداخل والخارج وارتكبت ما لا يحصى من المآسي بصورة مباشرة وغير مباشرة.

أخبار من القسم