ولو أن البحر مدادًا لما نفدت هموم "أبو يمن".. كأن السماء غضبت علينا فألقت على رؤوسنا حمم الشقاء والتعاسة.
لست مروجًا للإحباط، لكن هذا ما بات عليه أكثر الشعب اليمني.

يئنون من أوجاع المعيشة ويرهقون أفكارهم بالغد الذي لم يحمل لهم طوال الخمس عشرة سنة الماضية، إلا كل محبط وحزين من الأخبار والكوارث.

وحتى من أنعم الله عليه بالمال، فقد سرقت منه راحة البال وهناء الحياة حين تطل من حوله الأفواه الجائعة من بني جلدته.

هل هناك أمل أو مخرج من هذه الحال؟! كثيرًا ما أُسأل هذا السؤال في كثير من المواقف، آخرهم سيدة مصرية في طابور مطعم فول منعتها عن دفع الحساب عني بلطف في ختام حديث مقتضب معها عن بلادي وأنا فقالت بإخلاص "ربنا يكون في عونكم". 
شكرتها متجملًا وهدّأت بالها: لا تقلقي نحن شعب نولد من الرماد كطائر الفينيق ولا تهزنا حرب أو مجاعة.. جذورنا في الصخر متجذرة؛ لأننا من أبناء الجبال ونحن مثلها، تضربها الأمطار والعواصف والسيول فتنحتها جمالًا ورونقًا وخيرًا ورغد عيش.

ماذا نحتت فينا سني الحرب وأهوال الفرقة والشتات؟ لا أظنها إلا أعادت لنا عشقنا الدفين لأرضنا وشوقنا ولهفتنا لاحتضان بعضنا البعض. لقد هرمنا، سئمنا من الاحتراب، وحان الوقت لكي نستعيد تعايشنا وارتباطنا بكلمة "أبو يمن" رافع الرأس المعزز المكرم.

هذا العشق وهذا الحنين هما الأمل وهما الرهان، ولا بد أن ننتصر وتنتصر إرادة الحياة فينا على كل موجبات الخراب والفتن.

أخبار من القسم