الحوثي وعقدة البطل السينمائي!
على غرار البطولة السينمائية التي تتحول إلى عقدة نفسية لدى الممثل المؤدي للدور يستعيرها الحوثي مجازًا، ويعيشها كواقع سياسي، ممسكاً ببطولة وهمية مصطنعة بصورة فجة؛ بينما يدفع اليمنيون تكاليف الإنتاج والإخراج من بنيتهم التحتية المدنية والخدمية.
هذه المفارقة المضنية يمضي الحوثي في محرابها متأبطاً شره، متجاهلاً عواقبها، بإصرار عبثي ووهم زعامة مطاطي، حيث لم يمض شهر على قصف مطار صنعاء ومحاولة ترميمه واستئناف نشاطه حتى يبدأ الحوثي بمشهد استهداف جديد وغير مجد للكيان ليقابل بضربة مدوية للمطار، وتحطيم آخر طائرة للخطوط الجوية اليمنية عقب هبوطها مدرج المطار بساعات.
لماذا هذا الحرص الغرائبي الفنتازي الذي يَأسر الحوثي في قبوه، ويظهره كصاحب عقدة بطولية نفسية تجعله يتآكل من الداخل؟
فمن الناحية النظرية مهما كانت الخسارات لا تمسه شخصياً لكنها تؤذيه كسلطة، وتكلفه مادياً، وتعطل مصالحه كمتحكم بتلك المنشآت التي يتسبب تعنته في تدميرها، وممارسته لعبة التحرش الهزيل بالكيان لصالح إيران ومن ثم الاختباء كجرذ في جرف، والتضحية بمؤسسات الدولة التي اختطفها وتدر له دخلاً وفيراً.
لا تفسير مثالي لمثل حالته إلا باعتقاده أن هذه الذريعة تعد التعويذة السحرية الأخيرة المجدية في استمالة اليمنيين، والتي خففت عنه عبء رفضهم له، ونبذهم لبقائه المرير في حياتهم، واستشعاره أنها منحته حصانة بقاء دائم، واستحقاقاً مستفيضاً في سلطته عليهم وحكمه لهم، وأن نطاحه الهزيل لإسرائيل وادعاءه مساندة غزة كأكذوبة القرن ستجعل الشعب يتمسك به، ويقر بصلاحيته المطلقة لإدارة البلاد كمنقذ أسطوري ومحارب مثالي سيغير موازين القوى ويزيح ماهيته كانقلابي إمامي سلالي دخيل على الدولة والمجتمع والجغرافيا وإحلاله كحاكم مفوض وممثل وحيد لليمن كدولة ومجتمع وهوية.
ولذا فإن الخسارات المادية الموجعة الناجمة عن نسف المطارات والموانئ والمنشآت تبدو في نظر الحوثي هينة للغاية، مقارنة بالمكاسب المعنوية التي نالها، والخدمات التي يقدمها لإسياده في ظهران
وكل الأصوات المستهجنة لإغراقه اليمن في مستنقع صراع نظري صوري من جانبه وتطبيقي من جانب الكيان يراها الحوثي ساذجة؛ ومعه حق لأنه لم يتحمل مسؤولية حياة الشعب والاهتمام بتأمين بقائه منذ انقلابه، فلن يشكل له تدمير مصالحه أي هم، بل سيفتح له طريقاً أوسع للمتاجرة بقوته وسبل معيشته، كون الكهنوتي يدير سلطته هناك كعصابة مافيا سياسية واقتصادية واجتماعية، وهذا هو التعقيد بعينه الذي أحاق باليمن والمنطقة.