في السابع والعشرين من أبريل سنوياً، يستحضر اليمنيون محطة مفصلية في تاريخهم الحديث، يوم أشرقت فيه شمس الديمقراطية لأول مرة عام 1993، الذي شهد ميلاد فجر جديد، إيذاناً بانتهاء حقبة وبدء أخرى، حيث أمسك الشعب اليمني بزمام مستقبله، معبراً عن إرادته الحرة عبر صناديق الاقتراع ليختار من يقوده.

لقد مثل ذلك اليوم، الذي أُجريت فيه أول انتخابات برلمانية تعددية ومباشرة، علامة فارقة في مسيرة اليمن السياسي، وترسيخاً لنهج جديد أرسى دعائمه الرئيس الشهيد علي عبد الله صالح، الذي صنع تلك التجربة الديمقراطية لتكون أنموذجاً رائداً على مستوى المنطقة بأسرها.

في كل عام يحل هذا اليوم، تتجدد ذكرى اللحظة التاريخية التي تجسدت فيها تطلعات اليمنيين نحو الحرية والمشاركة، حيث مُنحوا للمرة الأولى الحق الدستوري في اختيار ممثليهم في مختلف مستويات الحكم، بدءاً بالمجالس التشريعية والمحلية، وصولاً إلى اختيار رئيس البلاد.

منذ ذلك التاريخ، خطا اليمن خطوات واثقة نحو التطور الحضاري، وتعززت فيه أسس التعددية السياسية والتنافس الحزبي، وكانت كل عملية انتخابية بمثابة تأكيد جديد على رسوخ الديمقراطية في البلاد، حتى نالت التجربة اعترافاً دولياً واسعاً، وتوجت باستضافة صنعاء للمنتدى الدولي للديمقراطيات الناشئة عام 1999، محفلًا جمع سبع عشرة دولة من مختلف قارات العالم.

ورغم المسيرة التي بدأت واعدة في التسعينيات، حيث تمتع المواطن بحرية اختيار حكامه وفقاً لقناعاته وبرامج الأحزاب المتنافسة، إلا أن هذه التجربة الديمقراطية تعرضت لانتكاسة مؤلمة، فمع ظهور مليشيا الحوثي الإرهابية واجتياحها صنعاء في نهاية عام 2014، انقلبت الأوضاع رأساً على عقب، وحلّ الظلام محل النور، حين عمدت هذه المليشيا إلى فرض سيطرتها بقوة السلاح، وإلغاء أسس الجمهورية والديمقراطية التي تحققت كثمرة لثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962 والوحدة اليمنية.

لقد وجد اليمنيون أنفسهم أمام واقع مرير مع سيطرة المليشيا على صنعاء، حيث تدهورت الحياة السياسية والعامة بشكل غير مسبوق، وسعت هذه المليشيا إلى شرعنة انقلابها في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014، في محاولة يائسة لمحو مكتسبات عقود من النضال والتضحيات بذل فيها اليمنيون الغالي والنفيس.

لقد مثل هذا التاريخ محطة فاصلة في تاريخ اليمن، يتذكرها اليمنيون اليوم وهم يعيشون واقعاً قاسياً مع عودة الإمامة البائدة التي أطلت عبر مليشيا الحوثي تدعي الحق الإلهي، وتمارس الإرهاب باسم الدين والعرق، وتسعى جاهدة إلى استعباد ملايين اليمنيين، ومصادرة حقوقهم الأساسية، وانتهاك حقوقهم؛ غير أن اليمنيين الذين تعودوا على حياة الديمقراطية وسيادة القانون ما زالوا على عهد المقاومة وإرادة الانتصار التي لن تنكسر.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية